السندات المحلية تسرق الأضواء... هل بدأ تراجع النفوذ المالي للدولار؟
بينما تتصاعد التوترات التجارية العالمية وتُخيم المخاوف من تباطؤ اقتصادي أميركي، بدأت ملامح تحول استراتيجي تبرز في سلوك المستثمرين العالميين: التخلي التدريجي عن السندات الدولارية، والاندفاع نحو السندات المقومة بالعملات المحلية في الأسواق الناشئة. في مشهد يبدو للوهلة الأولى غير تقليدي، أصبحت هذه السندات الأكثر طلبًا في 2025.
السندات المحلية تتفوق على الدولارية… لأول مرة منذ سنوات
مع بداية 2025، حققت السندات المحلية للأسواق الناشئة أداءً استثنائيًا، إذ ارتفعت بنسبة 3.2% مقارنة بـ0.7% فقط لنظيراتها الدولارية. ويُظهر مؤشر بلومبرغ لهذا القطاع تفوقًا واضحًا مع استمرار تدفقات المستثمرين الباحثين عن فرص خارج نطاق الدولار المتقلب.
الرسم البياني يُظهر أداء مؤشر بلومبرغ للسندات المحلية (الخط الأبيض) مقابل مؤشر السندات الدولارية (الخط الأزرق)، مع تفوق حاد للسندات المحلية بعد بدء تطبيق رسوم "الرد بالمثل" في أبريل.
ترمب يُعيد خلط الأوراق بسياسات جمركية مفاجئة
في 2 أبريل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن رسوم جمركية ضخمة على الواردات من الصين ودول شريكة أخرى، ما أدى إلى تراجع حاد في قيمة الدولار، وفتح الباب أمام الأسواق الناشئة لتخفيف سياساتها النقدية وسط بيئة من التباطؤ العالمي.
جون هاريسون، استراتيجي في TS Lombard، علّق:
"نُفضّل بقوة السندات المحلية للأسواق الناشئة... ضعف الدولار يمنح هذه الاقتصادات فرصة لتيسير سياساتها دون المساس باستقرار عملاتها."
مفارقة لافتة: عوائد أقل... لكنها أكثر جذبًا
رغم أن السندات المحلية تُصنّف تقليديًا على أنها أكثر خطورة، إلا أن عوائدها اليوم باتت أقل من السندات الدولارية وحتى سندات الخزانة الأميركية:
عائد السندات المحلية: 4.03%
عائد السندات الدولارية: 7.1%
عائد سندات الخزانة الأميركية: 4.12%
فيليب مكينيكولاس من Robeco أوضح:
"السندات المحلية تتيح التعبير عن وجهات النظر النقدية والعملات بشكل أوسع... وهذا ما يجعلها جذابة حتى بعوائد أقل."
تراجع الدولار يُنعش عملات الأسواق الناشئة
انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 4% خلال أبريل فقط، ما أدى إلى ارتفاع أسعار العملات المحلية في الأسواق الناشئة، وبالتالي تعزيز قيمة السندات المقومة بها.
مايك ريدل من Fidelity International قال:
"الدولار الأميركي لا يزال مبالغًا في قيمته... تصحيحه يوفر دفعة طويلة الأمد لأصول الأسواق الناشئة، وخاصة الدخل الثابت."
إصدار السندات الدولارية يتراجع... والطلب ينزاح نحو المحلي
بحسب بيانات بلومبرغ، بلغ إصدار السندات الدولارية في الأسواق الناشئة (باستثناء الصين) نحو 5.1 مليار دولار فقط في أبريل، بانخفاض نسبته 36% مقارنة بالعام الماضي. وهو أدنى مستوى منذ شهور، ويعكس ازدياد مخاوف المستثمرين من تقلبات الدولار وارتفاع تكاليف الاقتراض الخارجي.
توقعات البنوك العالمية: التفوق مستمر
في تقرير حديث، توقعت Goldman Sachs أن تواصل السندات المحلية للأسواق الناشئة تفوقها في الأداء على المدى القريب.
جاء في التقرير:
"في ظل تنامي القلق من ركود عالمي، وتراجع الثقة بالدولار، نعتقد أن السندات المحلية للأسواق الناشئة ستتفوق على معظم فئات الأصول في 2025."
الخلاصة
التحولات الجيوسياسية والجمركية في 2025 أطلقت موجة إعادة تموضع في عالم الدخل الثابت. وبينما كان يُنظر تقليديًا إلى السندات الدولارية كملاذ آمن، بدأت السندات المحلية للأسواق الناشئة تسرق الأضواء. ضعف الدولار، وتيسير السياسة النقدية، ومرونة العوائد الحقيقية كلها عوامل تمنح هذه السندات أولوية جديدة لدى المستثمرين. ومع ترقّب مزيد من الرسوم، وتباطؤ الاقتصاد الأميركي، قد تكون هذه الأصول هي "الحصان الأسود" في بيئة مليئة بالضبابية.
📩 اشترك الآن في نشرة مركب لتصلك التحليلات والفرص الواعدة — مباشرة إلى بريدك الإلكتروني.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet