تخفيف التعريفات الجمركية على المكسيك.. خطوة تكتيكية أم تغيير استراتيجي؟
تشهد السياسة التجارية الأمريكية تحولات كبيرة بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن إيقاف بعض التعريفات الجمركية على واردات محددة من المكسيك، وذلك بعد تلميحات من وزير التجارة هوارد لوتنيك حول إمكانية تقديم إعفاءات. هذا القرار يأتي وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين، حيث تسعى إدارة ترامب إلى إعادة تشكيل قواعد التجارة الدولية بعد عقود من اتفاقيات التجارة الحرة.
ما موقف الشركاء التجاريين بعد قرارات ترامب؟
🔹 كندا والمكسيك
بدأ تطبيق تعريفات بنسبة 25% على جميع الواردات من الجارتين الشماليتين في 4 مارس، إلا أن ترامب أعلن يوم الخميس عن تأجيل التعريفات على المكسيك فيما يخص السلع والخدمات المتوافقة مع اتفاقية USMCA حتى 2 أبريل. وجاء هذا القرار بعد يوم واحد فقط من إيقاف التعريفات على السيارات بناءً على طلب من كبار شركات السيارات الأمريكية، مثل جنرال موتورز (GM)، فورد (F)، وستيلانتيس (STLA).
🔹 الصين
بدأت واشنطن بفرض تعريفة 10% على الواردات الصينية في فبراير، وردّت الصين بإجراءات انتقامية. وفي خطوة تصعيدية، ضاعفت إدارة ترامب هذه التعريفات إلى 20% اعتبارًا من الثلاثاء الماضي، مما أدى إلى رد فعل من بكين بفرض تعريفات تصل إلى 15% على المنتجات الزراعية الأمريكية، بما في ذلك الدواجن ولحم الخنزير، بدءًا من الاثنين المقبل.
🔹 الاتحاد الأوروبي
هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية على الواردات الأوروبية، مما قد يؤدي إلى نقل الحرب التجارية عبر المحيط الأطلسي، وهو ما يثير مخاوف من اضطراب اقتصادي عالمي.
🔹 التعريفات على الصلب والألمنيوم
في فبراير، أمر ترامب بفرض تعريفة بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم، والتي ستدخل حيز التنفيذ في 12 مارس. هذه الخطوة تؤثر على كبار الشركاء التجاريين وتدعم بعض الصناعات الأمريكية، خاصة في الولايات التي تمثل قاعدة انتخابية قوية للرئيس.
🔹 خطط لفرض تعريفات متبادلة
وقع ترامب أيضًا على قانون يسمح للولايات المتحدة بتطبيق تعريفات متبادلة على شركائها التجاريين اعتبارًا من 2 أبريل، بهدف تحقيق وعد انتخابي رئيسي وزيادة الإيرادات مع استعداد الجمهوريين لطرح قانون جديد للضرائب والإنفاق.
تأثير هذه الإجراءات على الاقتصاد الأمريكي؟
يخشى العديد من الاقتصاديين من أن تؤدي هذه السياسة إلى ارتفاع الأسعار نتيجة التعريفات الجمركية، مما قد يضع ضغوطًا إضافية على مجلس الاحتياطي الفيدرالي عند اتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة في الأشهر والسنوات المقبلة.
كندا ترد بفرض رسوم إضافية على الكهرباء المصدرة إلى الولايات المتحدة
في خطوة انتقامية، أعلنت أونتاريو عن فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على الكهرباء التي يتم تصديرها إلى 1.5 مليون مستهلك أمريكي، وهي خطوة ستؤثر بشكل رئيسي على ولايات مينيسوتا، نيويورك، وميشيغان.
تصريح رئيس وزراء أونتاريو دوغ فورد:
"إذا لمست الموقد الساخن مرة واحدة، ستشعر بالألم ولن تكرر ذلك. سنضمن أننا ننفذ ما وعدنا به."
ما تأثير هذا القرار؟
قد تؤدي هذه الخطوة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة في بعض الولايات الأمريكية، مما يخلق ضغوطًا تضخمية إضافية على المستهلكين والشركات.
يبرز هذا القرار مدى هشاشة العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة، حيث كان قطاع الطاقة أحد أكثر القطاعات تكاملًا بين البلدين.
كيف تتفاعل الشركات الأمريكية مع التعريفات الجمركية؟
تأثير التعريفات على الشركات الكبرى
مع ارتفاع حالة عدم اليقين حول التعريفات الجمركية، أصبحت هذه القضية الموضوع الأكثر تداولًا في مكالمات أرباح الشركات. وفقًا لبيانات بلومبرغ، تم ذكر التعريفات 384 مرة في مكالمات الأرباح خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنة بـ 100 مرة فقط خلال الخمس سنوات الماضية.
كيف تستجيب الشركات؟
معظم الشركات تعترف بحالة عدم اليقين ولكنها تحاول طمأنة المستثمرين بأنها تراقب سلاسل التوريد عن كثب.
بعض الشركات، مثل Novo Nordisk (NVO) للأدوية، لا تبدي قلقًا كبيرًا بشأن التعريفات.
في المقابل، شركات التصنيع والتجزئة، مثل وول مارت (WMT)، تواجه ضغوطًا متزايدة نتيجة ارتفاع تكاليف الواردات.
كيف تستجيب وول مارت؟
طلبت من الموردين الصينيين خفض الأسعار بنسبة 10% لتعويض تأثير التعريفات الجمركية.
لكن الموردين الصينيين رفضوا التخفيضات بسبب هوامش الربح الضئيلة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات للمستهلكين الأمريكيين.
كيف تعاملت الشركات الكبرى مع التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب في 4 مارس، ومدى تأثر القطاعات المختلفة بها.
العجز التجاري الأمريكي يسجل رقمًا قياسيًا قبل دخول التعريفات حيز التنفيذ
قفز العجز التجاري الأمريكي إلى 131 مليار دولار في يناير، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق، حيث سعت الشركات إلى استيراد كميات كبيرة من السلع قبل بدء تطبيق التعريفات الجمركية.
وفقًا لوزارة التجارة الأمريكية:
زادت الواردات بنسبة 10% إلى مستوى قياسي بلغ 401.2 مليار دولار.
نمت الصادرات بنسبة 1.2% فقط، مما أدى إلى تفاقم العجز.
ماذا يعني ذلك؟
الشركات الأمريكية كانت تسرّع عمليات الاستيراد لتجنب دفع تعريفات أعلى لاحقًا.
قد يؤدي ذلك إلى تباطؤ اقتصادي لاحقًا، حيث أن المخزونات الكبيرة تعني طلبًا أقل في الأشهر المقبلة.
الخلاصة
مع استمرار التصعيد التجاري، تبقى بعض الأسئلة الرئيسية بدون إجابة:
🔹 هل ستتوسع إدارة ترامب في تطبيق التعريفات على الاتحاد الأوروبي؟
🔹 هل تؤدي هذه السياسات إلى ركود تضخمي مع ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو؟
🔹 هل يقدم البيت الأبيض مزيدًا من الإعفاءات لتخفيف الأضرار الاقتصادية؟
حتى الآن، تبقى التوترات مرتفعة، والأسواق والمستثمرون يترقبون الخطوات التالية.
🌟 اشترك الآن في نشرة "مركب" لتصلك أحدث التحليلات وأهم تطورات الأسواق مباشرة إلى بريدك الإلكتروني! 🚀
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet