من 10% إلى 145%.. تصعيد غير مسبوق خلال 60 يومًا
التصعيد بين واشنطن وبكين يُعيد الأسواق إلى مشهد الحرب التجارية الكبرى
في أقل من شهرين، انتقل المشهد التجاري بين الولايات المتحدة والصين من "تحذير" إلى "تصعيد شامل"، بعدما فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب العالم بفرض رسوم جمركية متتالية بلغت ذروتها عند 145% على البضائع الصينية.
وبينما حاولت الأسواق التنفّس عبر هدنة مؤقتة مع باقي الشركاء التجاريين، سرعان ما عادت المخاوف إلى الواجهة مع تزايد التوترات وتوسّع الجبهات.
تسلسل زمني متسارع: من رسوم أولى إلى انفجار جمركي
بدأت الجولة الجديدة من التوتر في 1 فبراير 2025، حين أعلن ترمب عن فرض رسوم بنسبة 10% على كل الواردات من الصين، كإجراء أولي لإعادة ضبط الميزان التجاري.
لكن ما أعقب ذلك كان موجة تصعيد غير مسبوقة:
في 2 أبريل، تم الإعلان عن "يوم التحرير التجاري" مع رفع الرسوم إلى 54%.
في 4 أبريل، ردّت بكين برفع رسومها إلى 84% على السلع الأميركية.
في 7 أبريل، رفع ترمب الرسوم مجددًا بنسبة 50%، ليصل الإجمالي إلى 104%.
وفي 9 أبريل، بلغت الرسوم ذروتها عند 145%، تزامنًا مع تجميد مؤقت للرسوم على بقية الدول.
الصورة تُظهر التصعيد الزمني للرسوم بين 1 فبراير و9 أبريل، مع رصد التعديلات الأميركية والصينية على التوالي.
يوم التحرير التجاري... شعار سياسي أم استراتيجية تفاوض؟
أطلق ترمب على حملة الرسوم اسم "يوم التحرير"، مؤكدًا أنها تهدف إلى كسر ما وصفه بـ"هيمنة الصين" على سلاسل التوريد العالمية.
لكن رغم التصعيد، أبدى ترمب مرونة نسبية حين أعلن عن:
تجميد الرسوم المتبادلة على 185 دولة لمدة 90 يومًا.
استثناء بعض القطاعات الحساسة مثل أشباه الموصلات والطاقة.
مع ذلك، أكد البيت الأبيض أن الصين ستبقى "الاستثناء الوحيد"، ورسومها الجمركية ستظل الأعلى ضمن شركاء الولايات المتحدة.
الأسواق ترتفع مؤقتًا... ثم تعود للقلق
في جلسة واحدة، قفزت القيمة السوقية لأسهم وول ستريت بأكثر من 5 تريليونات دولار، مدفوعة بالتعليق المؤقت للرسوم.
لكن الأسواق عادت للتراجع سريعًا بعد الإعلان عن رفع الرسوم على الصين إلى 145%، وسط تصاعد المخاوف من شلل في سلاسل الإمداد.
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين:
"خطوة واشنطن تهدف للتهدئة، لكنها تفتح الباب لمخاطر جديدة."
التداعيات تتسارع: من الدراجات إلى الأفلام
توسّع التصعيد التجاري ليشمل قطاعات جديدة:
الصين أوقفت استيراد الأفلام الأميركية بالكامل، كإجراء رمزي ضد الضغط الأميركي.
الطلب على الصويا الأميركية انخفض لصالح البرازيل، ما يهدد المزارعين الأميركيين.
شركات مثل Kent International حذرت من احتمال ارتفاع أسعار الدراجات بنسبة 50%.
Apple شحنت 600 طن من iPhones جوًا من الهند لتجنّب الرسوم، في خطوة غير مسبوقة.
من الذي دفع ترمب لتجميد الرسوم على الحلفاء؟
وفق تقارير من بلومبرغ ورويترز، جاء قرار التجميد بعد تحذيرات مباشرة من شخصيات اقتصادية بارزة مثل جيمي ديمون وبيل آكمان، الذين وصفوا الوضع بأنه "شتاء اقتصادي نووي محتمل".
كما لعب وزير الخزانة سكوت بيسينت دورًا مركزيًا في إقناع ترمب بالتحرّك لتهدئة الأسواق دون التراجع أمام الصين.
تحليل مركب: الصين تحت نيران الرسوم... والعالم يترقّب
رفع الرسوم على الصين إلى 145% يمثل أعلى مستوى في تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين، ويتجاوز حتى ما أُعلن عنه رسميًا، إذ تضمّن:
رسوم إضافية تتعلق بالفنتانيل.
رسوم سابقة فُرضت في فبراير ومارس.
الرسالة الأميركية واضحة: الصين هي العدو الاقتصادي الأول، وأي تفاوض مستقبلي يجب أن ينطلق من أرضية ضاغطة ومكلفة لبكين.
الخلاصة
في الوقت الذي تبحث فيه الأسواق عن هدنة حقيقية، تمضي إدارة ترمب في تصعيد جمركي مدروس ضد الصين، مع تقديم تنازلات تكتيكية لحلفائها لتجنّب انهيار السوق العالمي.
الرسوم لم تعد مجرد أداة اقتصادية، بل أصبحت محورًا سياسيًا واستراتيجيًا قبيل موسم الانتخابات. ومع اقتراب الصيف، قد لا يكون السؤال: "هل تنتهي الحرب التجارية؟"، بل: "من سيتحمّل كلفتها أكثر؟ الصين، أم الشركات الأميركية، أم المستهلك العالمي؟"
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet