أعلى مستوى للرسوم الجمركية منذ 100 عام.. الأسواق بلا بوصلة
في أسبوع عصيب اتّسم بتقلبات حادة، عاشت وول ستريت بين نقيضين: أسوأ أداء أسبوعي لمؤشر S&P 500 منذ 2020، يتبعه أفضل يوم منذ الأزمة المالية في 2008. لكن رغم الارتدادات المؤقتة، بقيت الصورة ضبابية، والمشهد الاستثماري أكثر غموضًا من أي وقت مضى، وسط تصاعد غير مسبوق في الرسوم الجمركية.
أعلى معدل جمركي منذ 100 عام
وفقًا لمركز "Yale Budget Lab"، ارتفع متوسط معدل الرسوم الجمركية الفعلية في الولايات المتحدة إلى 27% في أعقاب إعلان الرئيس دونالد ترمب عن رفع الرسوم على الواردات الصينية إلى 145%، رغم تأجيل الرسوم "التبادلية" على أكثر من 75 دولة لمدة 90 يومًا.
الرسم التوضيحي يُظهر أن معدل 27% الحالي يتجاوز مستويات الرسوم خلال الحربين العالميتين والكساد الكبير، ليكون الأعلى منذ أكثر من قرن.
الأسواق تفقد البوصلة وسط تغيّر القواعد
لكن القلق الأكبر لا يأتي من مستوى الرسوم نفسه، بل من الارتباك المستمر في صنع القرار. إذ يصعب على المستثمرين اليوم بناء استراتيجيات طويلة الأمد في ظل تغيّر السياسات من يوم لآخر. أو كما وصفها مايكل كانترويتز من Piper Sandler:
"من المستحيل أن تلعب لعبة لا تعرف متى ستُغيّر فيها القواعد أو تُنقل فيها المرمى."
المخاوف تتزايد من أن تتحوّل الرسوم المرتفعة إلى عبء طويل الأمد، على غرار سيناريو "معدلات الفائدة المرتفعة لفترة أطول" الذي أربك الأسواق سابقًا.
تأجيل لا يُلغي الخطر
رغم الإعلان عن تأجيل الرسوم لمدة 90 يومًا، يرى خبراء الاقتصاد أن هذا لا يعني تهدئة حقيقية، بل فقط نقل الأزمة إلى الأمام. نيل دوتا، كبير اقتصاديي Renaissance Macro، يرى أن هذا الغموض قد يؤدي إلى ركود قصير الأمد:
"اللايقين الممتد سيؤدي إلى انخفاض الاستثمار وزيادة الادخار، ما يُضعف الاستهلاك ويدفع الاقتصاد نحو التباطؤ."
بدوره، قال جيمس إيغيلهوف من BNP Paribas:
"تجنب الركود بات مشروطًا باتفاق تجاري مع الصين. المشكلة ليست في الرسوم فقط، بل في تقلبها المستمر."
ارتداد تقني... لا يعكس الثقة
ورغم تعويض الأسواق لبعض خسائر "يوم التحرير"، إلا أن مؤشر S&P 500 لا يزال منخفضًا بنسبة تقارب 6% منذ الثاني من أبريل — ما يشير إلى فقدان الثقة في مستقبل السياسات الاقتصادية.
الرسم البياني يُظهر حركة ناسداك (بنفسجي)، داو جونز (برتقالي)، وS&P 500 (أزرق) منذ 2 أبريل. رغم الارتدادات، تبقى جميع المؤشرات دون مستوياتها السابقة.
الخلاصة
الإعفاءات الجزئية والتأجيلات المؤقتة لم تُطمئن الأسواق، بل زادت من حالة الترقّب والتذبذب. وبينما يبقى المستثمرون محاصرين بسياسات تجارية متقلبة، ترتفع المخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود ناتج عن الغموض لا عن الضعف الاقتصادي المباشر.
الرسوم الجمركية اليوم ليست مجرد أداة ضغط، بل أصبحت عاملًا معطّلاً للسوق — مرتفعة، غير مستقرة، وغير متوقعة. وفي ظل هذه البيئة المتقلّبة، تبقى النصيحة الأكثر واقعية: الحذر مطلوب، والتخطيط صعب، والرؤية غير واضحة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب حول أهم تحولات السوق وأبرز الفرص الاستثمارية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet