بين السياسة والنقد: هل ينجح ترمب في فرض نفوذه على الاحتياطي الفيدرالي؟
رغم نبرة التهدئة التي اعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بداية الأسبوع بشأن علاقته مع رئيس الفيدرالي جيروم باول، عاد المشهد إلى التوتر مجددًا. فبعد أن طمأن الأسواق بعدم نيته إقالة باول، عاد ليُكثّف من هجومه العلني عليه، مطالبًا بخفض فوري للفائدة، وواصفًا رئيس الفيدرالي بـ"المتأخر دومًا".
تصريحات ترمب هذه لا تأتي في فراغ، بل في وقت حساس تعيش فيه الأسواق الأميركية على وقع اضطرابات تجارية وتضخم متصاعد، ما يُعيد تسليط الضوء على استقلالية السياسة النقدية في البلاد.
ضغوط متواصلة من البيت الأبيض
في لقاء من البيت الأبيض مساء الأربعاء، قال ترمب:
"قد أتصل بباول – رغم أني لم أفعل ذلك حتى الآن – لكنه يتأخر دائمًا، ويبقي الفائدة مرتفعة جدًا".
ثم أضاف:
"تم ترشيحه من قبل شخص لا أكنّ له الكثير من الرضا"— في إشارة غير مباشرة إلى الرئيس الأسبق.
هذه التصريحات جاءت بعد يوم واحد فقط من تطمين الأسواق بأن "إقالة باول غير مطروحة"، وهو ما ساعد مؤقتًا في تهدئة تقلبات الأسواق.
مستشارو ترمب حاولوا احتواء الأزمة
بحسب تقارير صحفية من واشنطن بوست، ناقش مستشارو ترمب الاقتصاديون — من ضمنهم كيفن هاسيت — سيناريوهات متعددة لإقالة باول، قبل أن يُجمعوا على أن هذه الخطوة قد تُسبب اضطرابًا حادًا في الأسواق، وتهز ثقة المستثمرين.
لكن ترمب لم يتراجع بالكامل، بل استمر في استخدام منصته على وسائل التواصل للهجوم على الفيدرالي، واصفًا باول بـ"الخاسر الكبير" والمُقصّر في أداء واجبه تجاه الفائدة.
الفيدرالي يرد... بحذر وصرامة
في مواجهة هذا الضغط العلني، التزم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بخطاب متزن، مؤكدين أن قراراتهم تُبنى على بيانات اقتصادية لا على الضغوط السياسية:
بيث هاماك (فيدرالي كليفلاند): "ليس الوقت مناسبًا لقرارات استباقية... علينا مراقبة البيانات".
نيل كاشكاري (فيدرالي مينيابوليس): "خفض الفائدة يتطلب مبررات أقوى للحفاظ على استقرار التضخم".
أدريانا كوغلر (مجلس المحافظين): "الرسوم الجمركية قد ترفع الأسعار... الفائدة يجب أن تبقى في موقعها الحالي".
وفي حين عبّر جيروم باول عن انفتاحه على تقييم مستجدات السوق، شدد على أن التضخم يظل الأولوية المطلقة في هذه المرحلة:
"قد تكون آثار الرسوم مؤقتة أو ممتدة... ولذلك علينا الانتظار لتتضح الصورة قبل أي خفض محتمل للفائدة."
خلفية الصراع: الفائدة والسيطرة على التضخم
الخلاف الجوهري بين ترمب والفيدرالي يتمحور حول اتجاه السياسة النقدية. بينما يرى ترمب أن الفائدة المرتفعة تُقيد النمو الاقتصادي وتُعيق مواجهة تداعيات الحرب التجارية، يرى باول أن خفض الفائدة دون مبررات بيانات حقيقية قد يُفقد السوق الثقة ويُشعل التضخم.
ومع استمرار تأثير الرسوم الجمركية المفروضة من قبل إدارة ترمب، يجد الفيدرالي نفسه أمام معادلة معقدة: دعم النمو دون التفريط باستقرار الأسعار.
الخلاصة
بينما يحاول ترمب توجيه دفة السياسة النقدية باستخدام تصريحاته الإعلامية، يُصر الفيدرالي على حماية استقلاليته، ملتزمًا بخطابه التقليدي المبني على البيانات. وفي ظل تضخم لم يُحسم بعد، ورسوم جمركية تفرض ضغوطًا على الأسعار، تظل الأسواق في حالة ترقب لما إذا كانت الحرب الكلامية ستبقى كذلك... أم تتحول إلى صدام حقيقي في قلب المؤسسة المالية الأهم في العالم.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet