ترمب يُصعّد بقوة: 125% رسوم على الصين وإعفاء للحلفاء.. الأسواق تتخبّط
هل هي تهدئة استراتيجية أم تصعيد غير مسبوق؟
في خطوة مفاجئة ومزدوجة التأثير، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125%، بالتزامن مع تجميد مؤقت لمدة 90 يومًا لما يُعرف برسوم "الرد بالمثل" على دول لم تتخذ بعد إجراءات انتقامية ضد واشنطن. القرار أثار ارتياحًا مؤقتًا في وول ستريت، لكنه عمّق التوترات في عواصم العالم التي باتت لا تعرف ما الذي تريده الإدارة الأميركية فعلًا.
تصعيد غير مسبوق ضد الصين… وهدنة محدودة مع الحلفاء
في منشور على منصة Truth Social، قال ترمب:
"أعلن رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125%، بدءًا من الآن... وبناءً على أن أكثر من 75 دولة لم ترد على الولايات المتحدة بأي شكل، فقد قررت تجميد الرسوم عليهم لمدة 90 يومًا، وخفضها مؤقتًا إلى 10%."
هذه القرارات جاءت بعد أيام من دخول رسوم بنسبة 104% على الصين حيز التنفيذ، وما تبعها من رد صيني بـ84%، بالإضافة إلى رسوم أوروبية انتقامية بنسبة 25% على سلع أميركية تتجاوز قيمتها 23 مليار دولار.
الأسواق تنتعش مؤقتًا... لكن المخاوف الاقتصادية تتزايد
فور إعلان تجميد الرسوم على الحلفاء، ارتفعت المؤشرات الأميركية، لكن التقييم الأعمق من المؤسسات المالية الكبرى كشف أن القلق لم يتبدد.
أصدر Goldman Sachs تحذيرًا واضحًا:
الركود الاقتصادي بات السيناريو الأساسي لديهم
خفض الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس هذا العام، تبدأ بـ 50 نقطة في يونيو
رفع احتمالات الركود من 25% إلى 45%
وفي تعليق شديد اللهجة، قال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ JPMorgan:
"الركود الأميركي أصبح نتيجة مرجحة… ردّ فعل الأسواق قد يزداد سوءًا إذا لم تتحقق اختراقات حقيقية."
صدمة دولية... ومفاوضات "معلقة على الهاتف"
ورغم تصريحات ترمب المتفائلة بأن "العالم مستعد للعمل معه"، فإن الواقع على الأرض يعكس حالة من الجمود والغموض في الاتصالات الدولية.
🗣️ مسؤول في الفلبين صرّح لموقع Politico:
"كتبنا لهم لطلب اجتماعات، لكننا ما زلنا ننتظر الرد، مثل باقي دول جنوب شرق آسيا."
حتى اللحظة، لا توجد مؤشرات على انطلاق جولات تفاوضية جادة، فيما تتسابق العواصم في مواجهة تداعيات الرسوم كلٌّ على طريقته.
القطاع التجاري في عين العاصفة: من أمازون إلى زينة الميلاد
كان أول المتأثرين بهذه التطورات هو قطاع التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، وعلى رأسهم Amazon (AMZN) التي ألغت طلبيات ضخمة لسلع مصنّعة في آسيا.
المنتجات التي تم إلغاؤها شملت:
كراسي
مكيفات هواء
سكوترات كهربائية
أما مصنعو زينة الكريسماس في الصين، الذين عادة ما يتلقون طلباتهم الأميركية في هذا الوقت من العام، فقد أعلنوا عن توقف شبه كامل في الطلبات.
تستورد الولايات المتحدة 87% من زينة الميلاد من الصين، بقيمة تقارب 4 مليارات دولار سنويًا.
وزارة الخزانة تردّ بحذر: لا ذعر... لكن "احذروا التلاعب الصيني"
في محاولة لطمأنة الأسواق، قال وزير الخزانة سكوت بيسينت إن ما يحدث في سوق السندات هو نتيجة "عملية تسييل ضخمة من بعض اللاعبين الكبار"، وليس انهيارًا ممنهجًا.
لكنه حذّر الصين بلهجة صارمة:
"ما يجب ألا تفعله الصين هو التلاعب بالعملة… هذا سيؤدي إلى مزيد من الرسوم العالمية."
في ذات الوقت، خفّض بنك الشعب الصيني سعر صرف اليوان للمرة الخامسة خلال أسبوع، ما دفع العملة الصينية لأدنى مستوياتها منذ 2010.
الذهب يتألق والدولار يترنّح… والقلق يخيّم على المستثمرين
في ظل هذا التوتر، قفز سعر الذهب إلى ما فوق 3,000 دولار للأونصة، ليؤكد مكانته كملاذ آمن تقليدي في زمن الشكوك الاقتصادية. أما الدولار الأميركي، فقد خسر نحو 5% من قيمته منذ بداية 2025، وهو أسوأ أداء له منذ أكثر من عقد.
في أوروبا، اختار الاتحاد الأوروبي الرد التكتيكي عبر استهداف ولايات أميركية حساسة اقتصاديًا برسوم انتقامية تشمل:
الألماس
الدواجن
الدراجات النارية
وفي الولايات المتحدة، بدأت الشركات بنقل تكلفة الرسوم إلى المستهلكين، ما يُهدد بموجة تضخمية جديدة قد تُربك حسابات الفيدرالي خلال الأشهر المقبلة.
خلاصة مركب التحليلية
ما يحدث ليس مجرد تصعيد جمركي عابر، بل إعادة رسم شاملة لخارطة التجارة العالمية، بأسلوب صادم وسريع. قرار ترمب برفع الرسوم على الصين إلى 125% قد يبدو استعراضًا للقوة، لكنه يُشعل التوتر مع شريك تجاري لا يستهان به، بينما تجميد الرسوم على الحلفاء لا يكفي لطمأنة الأسواق.
من أمازون إلى زينة الميلاد، ومن الدولار إلى اليوان، ومن الذهب إلى سندات الخزانة… الكل يتفاعل، والكل يتأثر. وفي غياب استراتيجية واضحة أو إطار تفاوضي مستقر، يبدو أن الكرة في ملعب ترمب – لا فقط كصانع قرار، بل كعنصر اضطراب رئيسي في الاقتصاد العالمي.
📬 اشترك الآن لتبقى على اطلاع بأحدث تحليلات مركب للأسواق وأبرز الفرص الاستثمارية!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet