بين التصعيد والمصلحة.. ما الذي يُغضب ماسك فعلًا من خطة ترمب الجمركية؟
صدام أفكار بين صانعين للسياسة
رغم ما بدا لسنوات أنه تحالف غير رسمي بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورجل الأعمال إيلون ماسك، فإن الخلاف بين الطرفين وصل إلى العلن مؤخرًا، خصوصًا بعد تصاعد حدة النقاش حول الرسوم الجمركية. ومع اشتداد العاصفة السياسية والتجارية، بات واضحًا أن الرجلين يختلفان ليس فقط على الوسائل، بل على المبادئ أيضًا.
نقطة الاشتعال: تصريحات نافارو تثير غضب ماسك
الشرارة جاءت من تصريحات أطلقها مستشار ترمب التجاري، بيتر نافارو، قال فيها إن ماسك يعارض الرسوم الجمركية لأنه يعتمد على استيراد القطع من الخارج لصناعة سياراته.
لكن رد ماسك كان حادًا، وبلغ درجة وصف نافارو بأنه "أحمق حقيقي"، مؤكدًا أن شركة Tesla هي "أكثر شركات السيارات تكاملًا عموديًا في أميركا"، بفضل نموذج الإنتاج الداخلي الكامل في مصانع "جيغا فاكتوري" الممتدة من أميركا إلى الصين وألمانيا.
تسلا ليست في مأمن: التأثير موجود رغم كل شيء
رغم دفاعه عن استقلالية سلسلة الإمداد، لم ينكر ماسك أن شركته تتأثر سلبًا بالرسوم الجديدة، إذ قال:
"تسلا ليست محمية من هذه الرسوم. التأثير علينا لا يزال كبيرًا."
تُظهر البيانات تفاوت التكاليف الناتجة عن الرسوم الجديدة، حيث تُعد Tesla من الأقل تضررًا بكلفة تقدر بـ1,627 دولار لكل سيارة، بينما تصل الكلفة على شركات مثل Tata Motors إلى أكثر من 20,000 دولار للسيارة الواحدة.
المصدر: TD Cowen | Yahoo Finance
موقف مبدئي: ماسك يرفض الرسوم من حيث الفكرة
ما يُزعج ماسك ليس فقط الضرر المالي، بل فكرة فرض الرسوم بحد ذاتها. إذ لطالما دعا إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بين أوروبا وأميركا، وصرّح:
"آمل أن نتفق جميعًا على نظام بدون رسوم بين أوروبا والولايات المتحدة."
ولم يكتفِ بالكلمات، بل أعاد نشر مقاطع قديمة لعالم الاقتصاد ميلتون فريدمان، المعروف بدعمه المطلق لحرية التجارة، في إشارة رمزية إلى جذور موقفه الفكري.
أرضية مشتركة: محاربة الحواجز غير الجمركية
ورغم التوتر، يجد الطرفان مساحة اتفاق في ملف واحد: الضرائب غير الجمركية مثل ضريبة القيمة المضافة (VAT)، والتي يعتبرها كل من ترمب وماسك عائقًا غير عادل أمام الصادرات الأميركية.
ماسك قال سابقًا:
"الأسعار في أميركا لا تشمل ضريبة القيمة المضافة، لكنها تُحتسب في معظم دول العالم، مما يخلق فروقات كبيرة."
أما ترمب، فاعتبر الضرائب على القيمة المضافة "أشد قسوة من الرسوم الجمركية"، داعيًا إلى إزالتها أو معادلتها.
ماسك ينتقل من المشورة إلى الانتقاد العلني
منذ توليه دورًا استشاريًا في إدارة ترمب كرئيس "وزارة الكفاءة الحكومية" (DOGE)، التزم ماسك بالهدوء. لكن مع تصاعد الأزمة، كسر هذا الصمت، وبدأ في توجيه انتقادات مباشرة للسياسات الجمركية الجديدة، واصفًا إياها بأنها "ضريبة دائمة على المستهلك الأميركي".
كما دخل كيمبال ماسك، شقيق إيلون وعضو مجلس إدارة Tesla، على الخط، مغرّدًا:
"ترمب هو الرئيس الأعلى ضرائبًا على المستهلكين الأميركيين في هذا الجيل."
لا قطيعة... بل محاولة لتغيير المسار
ورغم اللهجة المرتفعة، لا يبدو أن ماسك يسعى لقطيعة مع ترمب. بل إن نبرة تصريحاته توحي بمحاولة لإقناع الرئيس بتعديل المسار، خصوصًا في اتجاه اتفاقيات تجارة حرة بدون رسوم بدلًا من التصعيد المتبادل.
ماسك قال لترمب في تغريدة تعود لعام 2018:
"أنا ضد الرسوم الجمركية عمومًا، حتى وإن كنت أتفق معك على وجود خلل كبير في التجارة العالمية."
واليوم، يعود ليُكرر الفكرة نفسها، لكن وسط عاصفة سياسية واقتصادية غير مسبوقة، وبصوت أكثر وضوحًا وتأثيرًا.
خلاصة مركب
إيلون ماسك لا يعارض ترمب بصفته خصمًا سياسيًا، بل باعتباره صاحب رؤية مختلفة جذريًا في إدارة التجارة الدولية. وبينما يتفقان على وجود اختلالات بنيوية في النظام التجاري، تختلف مقاربات الحل: ترمب يفرض الرسوم، وماسك يدعو إلى إزالتها. هذه المواجهة الفكرية تعكس صراعًا أعمق بين الحمائية والليبرالية الاقتصادية، قد يكون لها أثر طويل الأمد على سياسات الاستثمار والتجارة في الولايات المتحدة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب حول السياسات التجارية وتأثيرها على أسواق الأسهم والشركات العالمية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet