نظام رسوم جمركية من مرحلتين.. هل يفتح 2 أبريل فصلاً جديدًا في الحرب التجارية؟
مع اقتراب الموعد الذي وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ"يوم التحرير"، تتجه الأنظار إلى البيت الأبيض حيث تتبلور ملامح خطة جمركية غير تقليدية قد تغيّر وجه التجارة العالمية. فبدلًا من فرض رسوم شاملة دفعة واحدة، تدرس الإدارة الأمريكية استراتيجية جديدة تتكون من مرحلتين: رسوم فورية طارئة يليها مسار قانوني تصعيدي.
رسوم فورية.. وتحقيقات مؤجلة
تستند الخطة إلى استخدام صلاحيات قانونية نادرة، مثل:
قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية (IEEPA)
المادة 338 من قانون التعرفة لعام 1930، والتي تتيح فرض رسوم تصل إلى 50%
المادة 301، التي تُستخدم لفتح تحقيقات ضد ممارسات تجارية غير عادلة
أما الخيار الأقل احتمالًا، فهو المادة 122 من قانون التجارة لعام 1974، التي تسمح برسوم مؤقتة بنسبة 15% لمدة 150 يومًا فقط.
هذه المقاربة المزدوجة تهدف إلى فرض رسوم على الفور، دون الحاجة إلى انتظار نتائج التحقيقات، ما يُعزز قدرة ترامب على التحرك السريع وجمع إيرادات قد تُستخدم لتمويل تخفيضات ضريبية لاحقة.
السيارات والأدوية.. في قلب المعركة
تشير مصادر مطلعة إلى أن الرسوم الجمركية قد تشمل واردات السيارات، استنادًا إلى دراسة أمن قومي أُطلقت في عهد ترامب الأول. كما أبدى الرئيس نية فرض رسوم على الأدوية المستوردة، معتبرًا أن تصنيعها محليًا ضرورة أمنية وطنية.
"لم نعد نصنّع الأدوية في بلادنا… وهذا خطر كبير"، قال ترامب، في إشارة إلى ضرورة إعادة توطين الصناعات الحيوية.
هل الهدف اقتصادي... أم سياسي؟
رغم اللهجة التصعيدية، عاد ترامب وأشار إلى إمكانية تقديم "إعفاءات لعدد كبير من الدول"، ما يعكس ترددًا داخليًا في الإدارة بشأن مدى شمول الرسوم.
بحسب تسريبات داخلية، يرى بعض المستشارين أن الغاية من فرض الرسوم قد لا تكون تجارية بحتة، بل مالية وسياسية – بهدف جمع إيرادات لتمويل وعود ضريبية ضمن الحملة الانتخابية المقبلة.
انقسام داخلي في الإدارة: نهج قانوني أم سياسي؟
داخل البيت الأبيض، هناك اتجاهان متضاربان:
هوارد لوتنيك، وزير التجارة، يتبنى نهجًا هجوميًا قائمًا على مهاجمة الفوائض التجارية والضرائب الأجنبية، والضغط لعقد صفقات بسرعة.
جيميسون غرير، ممثل التجارة الأمريكية، يسعى لمسار أكثر قانونية واستدامة عبر فتح تحقيقات رسمية قبل فرض أي رسوم.
هذا التباين يُسهم في إطالة أمد التخطيط، ويزيد من حالة الغموض في الأسواق.
السباق نحو الإعفاءات: تنازلات اللحظة الأخيرة
مع اقتراب 2 أبريل، بدأت الدول الأجنبية محاولة استباق الرسوم عبر عروض تسوية:
المملكة المتحدة تُفكّر في تخفيف ضرائبها على شركات التكنولوجيا الأمريكية.
الاتحاد الأوروبي يُحضّر لاجتماعات عالية المستوى مع مسؤولين أمريكيين في واشنطن.
كل ذلك في محاولة لتجنّب شمولهم ضمن الرسوم الجديدة.
هل يُكرر ترامب سيناريو 2018؟
ليست هذه المرة الأولى التي يلوّح فيها ترامب برسوم ضخمة. في فترته الأولى، فرض رسومًا بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، ما أثار رد فعل أوروبي تمثل برسوم على سلع أمريكية مثل الويسكي، فرد ترامب بتهديد فرض رسوم 200% على النبيذ الفرنسي.
هذا النمط من التصعيد والتراجع المفاجئ لا يزال حاضرًا اليوم، وهو ما يجعل الأسواق متوجسة من تنفيذ الخطة بالفعل.
الخلاصة:
سواء فُرضت الرسوم في 2 أبريل أو لا، فإن إشارات ترامب واضحة: استخدام الأدوات القانونية والجمركية كسلاح استراتيجي. لكن تبقى الأسئلة الكبرى مطروحة:
هل هذا تحوّل في السياسة التجارية… أم مجرد وسيلة للتمويل والضغط الانتخابي؟
وهل ستُغيّر هذه الرسوم وجه الاقتصاد العالمي؟ أم تتلاشى كما حصل سابقًا تحت ضغط وول ستريت؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب الاقتصادية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet