التضخم يعود إلى أرقام الثمانينات... والمخاوف تتصاعد في الشارع الأميركي والفيدرالي معًا
بينما تتصاعد الحرب التجارية بفعل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بدأت علامات القلق تظهر على وجوه المستهلكين الأميركيين والشركات على حدّ سواء. فالتضخم، الذي لطالما سعى الاحتياطي الفيدرالي للسيطرة عليه، يعود اليوم بقوة، مدفوعًا بسياسات تجارية توسعية بدأت آثارها تتسرب إلى الاقتصاد الحقيقي.
توقعات المستهلك... في أعلى مستوياتها منذ أربعة عقود
وفقًا لمسح ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيغان، ارتفعت توقعات التضخم لعام واحد إلى 6.7% في أبريل – وهو أعلى مستوى منذ عام 1981، بينما بلغت التوقعات طويلة الأجل (5 إلى 10 سنوات) نحو 4.4% مقابل 4.1% في الشهر السابق.
البيانات تشير بوضوح إلى أن الأسر الأميركية بدأت تسعّر التضخم كواقع قادم، وليس مجرد موجة مؤقتة.
الرسم البياني يوضح الفجوة المتصاعدة بين التوقعات قصيرة وطويلة الأمد، في دلالة على تصاعد القلق بعد إعلان الرسوم الجمركية الجديدة.
الفيدرالي لا يُخفف المخاوف: الأسعار سترتفع
تحليل جديد صادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن دعم هذه التوجهات، حيث أشار إلى أن غالبية الشركات الصغيرة والمتوسطة تخطط لرفع الأسعار استجابةً لارتفاع التكاليف الناتجة عن الرسوم.
في استطلاع أجرته "Morning Consult" على 400 شركة، أفادت المؤسسات بأن رسومًا بنسبة 10% فقط ستكون كافية لرفع أسعار المنتجات بشكل ملموس، وأن الرسوم الأعلى ستُسهم أيضًا في تقليص الإنتاج، مما يُظهر هشاشة ثقة السوق بالاستقرار السعري.
الرسوم الأميركية تصل إلى أعلى مستوياتها منذ قرن
رغم إعفاء بعض السلع التكنولوجية مؤقتًا ضمن ما أسماه ترمب "يوم التحرير"، فإن متوسط الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية وصل إلى 22% – وهو أعلى معدل منذ أكثر من 100 عام، بحسب تقديرات "Capital Economics".
أما الواردات من الصين وحدها، فتخضع لرسوم قد تصل إلى 145%، ما يضع ضغوطًا هائلة على سلاسل التوريد والأسعار النهائية.
الرسم البياني يُظهر تصاعد الفجوة التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتفاقمها مع ارتفاع الرسوم، مما يعكس هشاشة الاعتماد على الاستيراد في ظل بيئة تجارية عدائية.
الشركات بدأت رفع الأسعار... والمستهلكون يستعدون للأسوأ
من شركات السيارات إلى متاجر الإلكترونيات، بدأت موجة رفع الأسعار فعليًا:
Volkswagen فرضت "رسم استيراد" جديد على السيارات المتأثرة برسوم الـ25%.
Best Buy حذرت من زيادة وشيكة في الأسعار بسبب تمرير التكاليف من الموردين.
كلوديا صام، خبيرة اقتصادية سابقة في الفيدرالي، قالت:
"إذا حصل تراجع حاد في المعروض من السلع، فقد نرى قفزة حقيقية في الأسعار. قد تُصبح القمصان هي البيض الجديد."
الفيدرالي في معضلة: التضخم يرتفع... والنمو يتباطأ
رئيس الفيدرالي جيروم باول وصف الوضع الحالي بأنه "سيناريو معقد"، يجمع بين ضغوط تضخمية ناتجة عن الرسوم، وتباطؤ محتمل في النمو، ما يُربك آلية اتخاذ القرار حول أسعار الفائدة.
بدورها، سوزان كولينز وجون ويليامز أشارا إلى أن التضخم مرشح للعودة إلى أكثر من 3% في 2025، وهو ما يدفع الفيدرالي إلى التريث قبل أي خفض للفائدة.
المعادلة أصبحت أكثر تعقيدًا:
هل يُضحّي الفيدرالي بالنمو لكبح التضخم؟ أم يُبقي على الفائدة المرتفعة في بيئة اقتصادية مهددة بالركود؟
الخلاصة
ترمب يلمّح إلى أنه "لا يريد رفع الرسوم أكثر"، لكن الواقع يشير إلى أن التأثيرات بدأت بالفعل تتغلغل في جيوب الأميركيين.
التضخم لم يعد مجرد احتمال – إنه يتحقق. والمستهلكون بدأوا يتوقعون الأسوأ، بينما تواجه الشركات خيارًا صعبًا:
إما امتصاص التكاليف أو تمريرها عبر الأسعار... وفي كلتا الحالتين، تتجه السوق نحو مزيد من الضغوط التضخمية التي قد تستمر أكثر مما كان مُتوقعًا.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet