مؤشرات سلبية تظهر في سوق العمل.. هل نحن على أعتاب ركود؟
تقرير JOLTS الأخير يُظهر أن سوق الوظائف الأميركي بدأ يفقد زخمه بشكل تدريجي، مع تراجع في عدد الوظائف الشاغرة وثبات نسبي في معدلات التوظيف. وبينما لا تزال المؤشرات بعيدة عن حالة الانهيار، فإن الصورة العامة تزداد برودة، ما يُثير مخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة تباطؤ حقيقي، وربما حتى ركود تضخمي.
في وقتٍ تترقب فيه الأسواق كل تفصيل جديد، تزداد أهمية فهم ما يجري خلف الكواليس في سوق العمل، خصوصًا في ظل استمرار الفيدرالي بسياساته النقدية المتشددة.
مؤشرات مقلقة في تقرير JOLTS
بحسب مكتب إحصاءات العمل الأميركي، بلغ عدد الوظائف الشاغرة في فبراير 7.57 مليون وظيفة، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر 2023، ويقترب من المستويات التي سادت في أوائل 2021. بالمقابل، بقيت وتيرة التوظيف ثابتة عند 5.4 مليون وظيفة، وهو ما يشير إلى نوع من الجمود في سوق العمل.
وتُظهر مراجعة أرقام يناير ارتفاعًا طفيفًا، لكن الانخفاض في فبراير جاء ليؤكد وجود اتجاه هبوطي مستمر، وليس مجرد تذبذب شهري عابر.
تراجع تدريجي في الوظائف الشاغرة (الخط البرتقالي)، يقابله ثبات في عدد التوظيفات (الخط الأخضر) منذ منتصف عام 2022.
ثقة الموظفين تتراجع.. ومعدل الاستقالة في أدنى مستوياته
لم يقتصر التراجع على عدد الوظائف الشاغرة فقط، بل شمل أيضًا معدل الاستقالات، الذي انخفض إلى 2% مقارنة بـ 2.1% في يناير، وهو من أدنى المعدلات المسجلة خلال العقد الماضي.
هذا الانخفاض يعكس بوضوح تراجع ثقة الموظفين في إمكانية الحصول على وظائف بديلة أو أفضل، مما يُعد إشارة سلبية على المعنويات داخل سوق العمل.
وهو ما عبّرت عنه كريستينا هوبر، كبيرة المحللين في Invesco، قائلة:
"إذا بدأنا نشهد زيادة في حالات التسريح، بالتزامن مع نمو ضعيف في الوظائف، فهذه وصفة لمشكلة حقيقية، وقد تشير إلى بداية تباطؤ اقتصادي وربما ركود."
موقف الفيدرالي.. واستمرار الحذر
رغم هذه الإشارات التحذيرية، لا يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي مستعد لتغيير سياسته النقدية قريبًا. ووفقًا لتحليل نانسي فان دين هوتن من Oxford Economics، فإن الفيدرالي لا يزال يرى أن سوق العمل "قوي بما فيه الكفاية" لتحمل استمرار ثبات أسعار الفائدة لفترة أطول.
لكن الأسواق تختلف في رؤيتها، حيث تُظهر أداة CME FedWatch أن هناك احتمالًا بنسبة 66% لخفض الفائدة قبل نهاية يونيو، وهو ما يعكس قلق المستثمرين من احتمالات تباطؤ أوسع في الاقتصاد.
إشارات خارج سوق الوظائف تعزز المخاوف
مسح جامعة ميشيغان كشف أن ثلثي المستهلكين يتوقعون ارتفاع معدلات البطالة خلال الـ 12 شهرًا القادمة، وهي أعلى نسبة منذ عام 2009.
مؤشر التوظيف في قطاع التصنيع (بحسب معهد إدارة الإمدادات) انخفض إلى 44.7% في فبراير، وهو أدنى مستوى له منذ سبتمبر 2024.
كلها مؤشرات تؤكد أن التباطؤ قد لا يكون مقتصرًا على قطاع واحد فقط، بل ربما يكون واسع النطاق.
توقعات تقرير مارس.. الأنظار إلى الجمعة المقبلة
تتجه التوقعات إلى أن تقرير الوظائف لشهر مارس سيُظهر إضافة 140 ألف وظيفة فقط، انخفاضًا من 151 ألف وظيفة في فبراير. في الوقت نفسه، يُتوقع أن يبقى معدل البطالة مستقرًا عند 4.1%.
سيكون هذا التقرير حاسمًا لتقييم مدى صحة الاتجاهات الحالية، ومدى استجابة الفيدرالي لها في قراراته المقبلة.
الخلاصة
تباطؤ سوق العمل الأميركي لم يعد افتراضًا نظريًا، بل بات مدعومًا بسلسلة من المؤشرات التي تُنذر بتحول محتمل في الدورة الاقتصادية. من تراجع الوظائف الشاغرة إلى انخفاض الاستقالات وثبات التوظيف، كل إشارة تقرع جرس إنذار خافتًا لكنه مستمر.
في هذا السياق، سيصبح تقرير الوظائف القادم بمثابة نقطة ارتكاز للأسواق، في ظل ترقب حذر لرد فعل الاحتياطي الفيدرالي، وتفاعل الأسواق مع احتمالات خفض الفائدة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب لسوق الأسهم مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet