
بين التوقعات السنوية والآنية.. سوق الأسهم يُرسل إشارات متضاربة
وسط تقلبات السوق الأميركي الناتجة عن الرسوم الجمركية وتباطؤ النمو، تظهر مفارقة محيرة: توقعات الأرباح للاثني عشر شهرًا القادمة ترتفع، بينما تتراجع تقديرات أرباح عامي 2025 و2026. فهل يُشير ذلك إلى خطأ في التقديرات؟ أم أن هناك تفسيرًا منطقيًا لهذا التناقض الظاهري؟
التقديرات المتحركة (NTM) مقابل السنوات الميلادية: الفارق في التوقيت يغير الصورة
تعتمد وول ستريت على نوعين من التقديرات عند تحليل الأرباح:
تقديرات حسب السنة الميلادية (مثل أرباح 2025 أو 2026).
تقديرات الأرباح للـ12 شهرًا القادمة (NTM)، وهي متغيرة تُحدث نفسها بشكل مستمر.
في بداية العام، كانت NTM تتطابق تقريبًا مع أرباح 2025. لكن مع دخولنا شهر أبريل، أصبحت NTM تشمل ربعًا من 2026، بينما باتت تقديرات 2025 تحتوي على بيانات ماضية. هنا يبدأ التباين، وتبدو الأرقام متناقضة رغم أنها قائمة على نفس البيانات.
يشير مايكل ويلسون من Morgan Stanley إلى هذا بوضوح، موضحًا أن ارتفاع NTM ناتج عن التفاؤل بأرباح 2026، رغم أن تقديرات 2025 و2026 تشهد تخفيضًا تدريجيًا بنسبة 1%. وبالتالي، يبدو أن السوق يتحرك وفق منظور طويل الأجل، بينما تُظهر التقديرات السنوية نقاط الضعف الآني.
ماذا يعني ذلك لتقييمات السوق؟ تقييمات تبدو أرخص... لكنها ليست بالضرورة أكثر أمانًا
نظرًا لأن مؤشرات التقييم مثل مضاعف الربحية (P/E) تُحسب غالبًا باستخدام أرباح NTM، فإن ارتفاع هذه التقديرات يُقلل من مقياس P/E ويجعل الأسهم تبدو "أرخص". لكن هذه "الرخص" قد يكون مضللًا إذا كانت التوقعات قصيرة الأجل (2025/2026) تُشير إلى تباطؤ حقيقي، خاصة في ظل الرسوم الجمركية والتباطؤ في الناتج المحلي.
الرسالة للمستثمرين؟ لا تكتفِ بنظرة واحدة على NTM... بل راقب التوقعات الزمنية الكاملة.
إنفاق المستهلكين: هل هو دليل على القوة أم مجرد سباق مع الرسوم؟
ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 1.4% في مارس لتبلغ 734.9 مليار دولار، مدفوعة بزيادة 5.3% في مبيعات السيارات وقطع الغيار. لكن وفقًا لتحليل Renaissance Macro، فإن هذا الإنفاق قد لا يعكس تفاؤلًا اقتصاديًا بقدر ما يُظهر سلوكًا استباقيًا تحسبًا لارتفاع الأسعار بعد تطبيق الرسوم.
بيانات JPMorgan تُظهر نموًا بنسبة 3% في الإنفاق عبر البطاقات حتى 10 أبريل.
بيانات Bank of America كشفت عن نمو 2.3% في فئات الترفيه والسلع الإلكترونية والغذائية.
النتيجة؟ المستهلك الأميركي لا يزال نشطًا، لكن الدوافع تبدو مؤقتة.
مؤشرات سوق العمل ثابتة... لكن إشارات النمو تتراجع
رغم أن طلبات إعانة البطالة بلغت 215 ألفًا، في إشارة إلى استمرار صلابة التوظيف، فإن مؤشرات أخرى بدأت تعكس التباطؤ:
تراجع بدايات بناء المنازل بنسبة 11.4% في مارس.
تصاريح البناء ارتفعت بنسبة 1.6% فقط.
أسعار البنزين انخفضت قليلًا، لكن معدلات الرهن العقاري ارتفعت إلى 6.83%.
إجمالًا، يبدو أن السوق العقارية بدأت بالتباطؤ، خاصة في ظل ارتفاع أسعار التمويل.
المخاطر تتراكم: التضخم والجمركة في الواجهة
توقعات التضخم لعام واحد ارتفعت إلى 3.6%، في حين عبّر مصنعو ولاية نيويورك عن تشاؤم غير مسبوق منذ 2009، وفق مسح "إمباير ستيت".
كما أشار استطلاع Bank of America إلى أن 80% من مديري الصناديق يرون أن "حربًا تجارية تُشعل ركودًا عالميًا" هي التهديد الأكبر للأسواق.
هذا لا يعكس فقط المخاوف حول التضخم، بل أيضًا القلق من تباطؤ عالمي شامل إذا استمرت السياسات التجارية التصعيدية.
الناتج المحلي يتجه للانكماش... وتوقعات GDPNow تدق ناقوس الخطر
يتوقع نموذج GDPNow الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا انكماشًا بنسبة 2.2% للناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2025.
وعند استبعاد التأثير غير المعتاد لواردات الذهب، ينخفض النمو إلى -0.1% فقط، ما يعزز فرضية الدخول في مرحلة ركود فني.
الخلاصة
رغم أن توقعات الأرباح للـ12 شهرًا القادمة تُعطي إشارات تفاؤلية، فإن الصورة الزمنية الأوسع تُشير إلى تباطؤ فعلي في النشاط الاقتصادي، وتزايد مخاطر التضخم والركود.
سلوك المستهلكين لا يُعبّر بالضرورة عن قوة الطلب، بل استباق للخطر القادم.
أما السوق، فيبدو أنه يسبق الأحداث مرة أخرى، مستندًا إلى أرباح مستقبلية لم تتحقق بعد.
📩 اشترك الآن في “نشرة مركب” لتصلك تحليلات مركب الدقيقة لأهم تحركات السوق لتظل دائمًا مستعدًا للخطوة التالية.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet