تأثير الرسوم الجمركية يتراكم ببطء.. وترامب قد لا يشهد نتائجه الاقتصادية
بينما يستعد دونالد ترامب لإطلاق خطته الاقتصادية الكبرى تحت شعار "يوم التحرير"، تتصاعد التساؤلات حول فعالية هذه الرؤية الاقتصادية المثيرة للجدل. فالخطة التي يُروّج لها كأداة لـ "استعادة السيطرة" على التجارة، تبقى غامضة في تفاصيلها، وتأثيراتها الحقيقية — سواء الإيجابية أو السلبية — لن تتضح على الأرجح حتى خلال ولاية ترامب الحالية.
في هذا السياق، يبدو "التحرير" أقرب إلى وعد مؤجل التنفيذ، حيث تحتاج نتائجه إلى سنوات كي تتبلور، فيما التكاليف قد تظهر على المدى القصير.
التصنيع المحلي.. اختبار يتطلب سنوات
أحد أبرز وعود "يوم التحرير" هو إعادة إحياء القاعدة الصناعية الأميركية وتقليل الاعتماد على الخارج. لكن هذه المهمة ليست سهلة، وتتطلب استثمارات ضخمة، وتخطيطًا طويل الأمد، وصبرًا سياسيًا واقتصاديًا.
كتب دان آيفز، المحلل في Wedbush:
"نقل 10% فقط من سلسلة التوريد في قطاع أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة قد يستغرق من 3 إلى 4 سنوات، ويكلف مئات المليارات من الدولارات."
هذا الواقع يُبرز التحدي الأساسي: نتائج الخطة، حتى لو كانت واعدة، لن تتحقق خلال ولاية رئاسية واحدة. بل من المرجح أن يجنيها رئيس آخر.
العالم سيرد.. والحرب التجارية مرشحة للتصعيد
أي فرض لرسوم جمركية شاملة بنسبة 20% لن يمر بصمت على الساحة العالمية. من المؤكد أن دولًا كبرى مثل الصين سترد بإجراءات مماثلة، مما يُعقّد سلاسل التوريد، ويُهدد مكانة الشركات الأميركية عالميًا.
يُحذر آيفز:
"القلق الأكبر هو أن تُقيّد الصين صادرات الرقائق المتقدمة، أو أن يُدفع المستهلكون الصينيون لتفضيل Huawei بدلًا من Apple، وBYD على حساب Tesla."
هذا النوع من الردود قد يؤدي إلى تقلص أرباح شركات التكنولوجيا الأميركية التي لطالما اعتمدت على الأسواق الخارجية لتحقيق النمو.
العولمة والاقتصاد الأميركي.. هل يمكن الفكاك؟
لطالما استفادت شركات مثل Apple وTesla وMicrosoft من العولمة، حيث يتجاوز نجاحها الحدود الوطنية. ورغم أن الخطاب الحمائي يبدو جذابًا للبعض، إلا أن الانعزال التجاري قد يُضعف القدرة التنافسية الأميركية على المدى الطويل.
ليس عليك أن تكون "عالميًا" كما يُهاجم ترامب، كي تدرك أن الانفصال عن الاقتصاد العالمي يحمل في طياته خسائر استراتيجية.
المفارقة؟ لو تحققت وعود "يوم التحرير" بالفعل، فإن من سيجني المكاسب السياسية والاقتصادية قد لا يكون ترامب، بل من يخلفه في الحكم.
معادلة معقدة: نتائج مؤجلة، وتكلفة فورية
"يوم التحرير" قد يبدو كعنوان لثورة اقتصادية، لكنه في الواقع يمثل عملية بطيئة ومعقدة. فبين رسوم جمركية مرتفعة، وتكاليف تصنيع محلي ضخمة، واستثمارات تستغرق سنوات، يواجه الاقتصاد الأميركي تحديًا حقيقيًا في موازنة الطموحات السياسية مع الواقع الاقتصادي.
النجاح في هذا المشروع سيتطلب تحمل نتائج قصيرة الأجل مؤلمة مقابل وعود طويلة الأجل غير مضمونة. وفي السياسة، لا ينتظر الناخبون كثيرًا.
الخلاصة
"يوم التحرير" ليس يوما واحدًا، بل مرحلة اقتصادية طويلة ومعقدة، لن يُعرف مصيرها الحقيقي إلا بعد انتهاء عهد ترامب. وبينما يُروّج لها كحل سريع لأزمات التجارة والتوظيف، فإن الواقع يُشير إلى مخاطر محتملة، ونتائج قد لا تأتي أبدًا، أو تأتي بعد فوات الأوان السياسي.
في النهاية، يبقى هذا الرهان محفوفًا بالمخاطر: إما أن يُغيّر وجه الصناعة الأميركية، أو أن يُدخلها في عزلة قد تكلّفها مكانتها العالمية.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet