من الرسوم إلى الضرائب إلى سقف الدين.. هل يتحمّل الاقتصاد الأميركي كل هذا الضغط؟
في وقتٍ تترقب فيه الأسواق الأميركية فصل الصيف بقلق متزايد، تتقاطع ثلاثة ملفات اقتصادية كبرى تحت إشراف إدارة الرئيس دونالد ترمب: الرسوم الجمركية، خفض الضرائب، وسقف الدين. التداخل بين هذه الملفات قد يُطلق شرارة مواجهة مالية وتجارية جديدة تهزّ الأسواق، وتضع الفيدرالي والمستثمرين أمام اختبار غير مسبوق في توقيته وشدّته.
هدنة مؤقتة... وتنتهي في 9 يوليو
قبل أسابيع، وقّع ترمب أمرًا تنفيذيًا بتعليق معظم الرسوم الجمركية "التبادلية" على أكثر من 75 دولة لمدة 90 يومًا، بينما استثنى الرسوم العقابية على الصين، التي وصلت إلى 145%. هذا القرار جعل من 9 يوليو 2025 محطة مفصلية، ليس فقط في المفاوضات التجارية، بل أيضًا في مستقبل سلاسل الإمداد وتضخم الأسعار عالميًا.
وزير الخزانة سكوت بيسنت قال: "نعمل على مدار الساعة لتوقيع صفقات قبل انتهاء المهلة."
وزير التجارة هاورد لَتنيك وصف العملية بأنها "أكبر حراك تفاوضي تشهده واشنطن منذ اتفاقية نافتا."
يوضح الرسم كيف قفزت الرسوم الأميركية على الصين من 10% إلى 145%، تزامنًا مع رد بكين برفع رسومها إلى 84%، ما فتح الباب أمام جولة تصعيدية لا تزال تداعياتها الاقتصادية تتسع.
معركة الضرائب تعود إلى الواجهة
في ظل انقسام جمهوري داخل الكونغرس، يحاول البيت الأبيض تمرير حزمة خفض ضرائب كبرى بحلول أغسطس، تشمل إعفاءات للأفراد والشركات. ويُتوقع أن يتم تمريرها عبر ما يُعرف بـ"المصالحة البرلمانية"، وهو المسار التشريعي الذي يسمح بإقرار القوانين بأغلبية بسيطة.
لكن التحديات قائمة:
الجناح المحافظ داخل الحزب يعارض أي تخفيضات في برامج الرعاية الاجتماعية.
خلافات حول الإعفاءات الضريبية المحلية تهدد بإضعاف التوافق المطلوب.
ترمب وصف مشروع القانون بأنه "جميل"، وأكد أنه سيكون جزءًا من "حزمة اقتصادية موحدة" تشمل الضرائب وسقف الدين.
أزمة سقف الدين: الخطر الأكبر يقترب
يقدّر مركز السياسات الثنائية في واشنطن أن "تاريخ X" — أي اللحظة التي قد تعجز فيها الحكومة عن سداد التزاماتها — سيقع بين منتصف يوليو وأوائل أكتوبر. ويعدّ هذا الملف الأكثر حساسية، لما يحمله من خطر مباشر على الائتمان السيادي الأميركي.
سكوت بيسنت أعلن أن الخطة هي تمديد السقف لعامين قادمين، مع رفع محتمل بقيمة 5 تريليونات دولار، ما سيجعلها أكبر زيادة في تاريخ الولايات المتحدة.
يوضح الرسم البياني كيف أدى الصراع على سقف الدين في 2011 إلى هبوط في الأسواق تجاوز 10%، ويُظهر مدى حساسية الأسواق تجاه هذا النوع من الأزمات، التي قد تتكرر إذا فشلت إدارة ترمب والكونغرس في التوصل لاتفاق هذا الصيف.
الأسواق أمام اختبار حقيقي
كل ملف من هذه الملفات — الرسوم، الضرائب، سقف الدين — كفيل بإحداث اضطرابات في الأسواق. لكن تزامنها يجعل من الصيف المقبل موسمًا مرشحًا لفوضى اقتصادية مُركبة.
الرسوم قد تُشعل التضخم.
خطة الضرائب قد تثير انقسامات داخلية وتؤثر على تصنيف الدين.
أزمة السقف قد تُفجّر تقلبات شديدة في سندات الخزانة والدولار.
جيسون فورمان، المستشار الاقتصادي السابق في إدارة أوباما، اختصر المشهد بقوله:
"سنتفاجأ مرارًا وتكرارًا خلال الـ90 يومًا المقبلة... لكن لا نعلم بعد إن كانت المفاجآت سعيدة أم حزينة."
الخلاصة
صيف 2025 قد لا يكون مجرد فصل جديد في السياسة الاقتصادية الأميركية، بل مفترق طرق حقيقي بين الانفراج والانفجار. وبينما تروّج إدارة ترمب لاستراتيجية تفاوضية حازمة تهدف لإعادة صياغة النظام التجاري والضريبي، فإن واقع الأسواق يبدو أقل حماسة، وأكثر قلقًا.
ما لم يتم التوصل لاتفاقات واضحة قبل نهاية مهلة الرسوم وسقف الدين، فإن احتمال صيف من التقلبات المالية بات أقرب إلى اليقين.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب حول الأسواق الأميركية والسياسات الاقتصادية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet