هل يبقى إنفاق الأثرياء صمام الأمان للاقتصاد الأمريكي؟.. أبريل يحمل الإجابة
في الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف من ركود اقتصادي يلوح في الأفق، هناك ركيزة واحدة لا تزال تمنح الاقتصاد الأميركي بعض الثبات: الإنفاق المرتفع للأسر الثرية. ورغم فعاليته في دعم النمو حتى الآن، إلا أن هذا الإنفاق يبدو في مواجهة تحديات قد تهدد استمراريته مع دخول أبريل.
الاستثناء الوحيد في بيانات الثقة.. الأثرياء يصمدون
سجل مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن Conference Board في مارس أسوأ قراءة له منذ أكثر من أربع سنوات، وسط تصاعد الغموض حول سياسات الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترمب.
لكن وسط هذا التراجع العام في المعنويات، ظهرت فئة واحدة لم تتأثر سلبًا بنفس القدر: الأسر التي يزيد دخلها عن 125,000 دولار سنويًا.
هذا الصمود يعكس تمسّك الأثرياء بنمط إنفاقهم، على عكس الطبقات الأدنى التي بدأت تضغط على إنفاقها بفعل الأسعار المرتفعة وقلق المستقبل.
الرسم البياني المرفق يظهر كيف يحتفظ أصحاب الدخول الأعلى بمعدلات ادخار أعلى، بينما تتراجع هذه المعدلات بشكل واضح في الطبقات الدنيا. - المصدر: الاحتياطي الفيدرالي، BEA، تحليلات موديز – مارك زاندي
نصف الإنفاق الاستهلاكي يأتي من الشريحة الأعلى دخلًا
تشير التقديرات إلى أن 50% من الاستهلاك الأميركي مصدره الطبقة الأعلى من السكان. بمعنى آخر، هذه الفئة تؤدي دورًا رئيسيًا في إبقاء عجلة الاقتصاد في حالة دوران.
لكن، وفق تحذيرات بريت ريان، الخبير الاقتصادي في دويتشه بنك، فإن هذا الدور مهدد:
"إذا شهدنا هبوطًا حادًا في الأسواق – يتجاوز 20% – فقد نشهد تحوّلًا كبيرًا في سلوك هذه الشريحة نحو مزيد من الادخار."
أي تراجع في أسعار الأصول، خصوصًا الأسهم، من شأنه أن يُغيّر مزاج الأثرياء، ويخفض إنفاقهم، مما يعني دخول الاقتصاد في حلقة انكماشية خطيرة.
خطر مزدوج: هبوط الأسهم وارتفاع الادخار
مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في موديز، أشار منذ بداية العام إلى أن الفضل في تجنّب الركود خلال فترات الفائدة المرتفعة يعود بشكل رئيسي إلى زيادة الإنفاق من قبل الشريحة الثرية.
لكن الوضع مهيّأ للتغير. إذا بدأ الأثرياء بإعادة بناء مدخراتهم – خصوصًا بعد أي هبوط في سوق الأسهم – فإن ذلك سيؤثر على الاستهلاك العام، وهو ما يضع النمو الاقتصادي في مهب الريح.
"معدل الادخار المنخفض أصبح نقطة ضعف هيكلية للاقتصاد"، بحسب أجاي راجادياكشا من Barclays، الذي يرى أن المستويات الحالية من الادخار لا يمكن الحفاظ عليها في ظل التوترات الجارية.
أما نيل دوتا من Renaissance Macro فعبّر عن مخاوفه بشكل مباشر:
"ما يقلقني الآن فعلًا هو أننا سنرى ارتفاعًا سريعًا في الادخار الشخصي."
2 أبريل.. يوم الحسم للمستهلك الأميركي؟
كل هذه المخاوف تتصاعد في ظل الترقب لسياسات 2 أبريل، الموعد المنتظر لتطبيق الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلن عنها ترمب.
بحسب راجادياكشا، فإن يوم 2 أبريل يمثل:
"نقطة محورية قد تغيّر المزاج الاستهلاكي بالكامل، خصوصًا إذا كانت الرسوم أوسع من المتوقع."
الرسوم قد تؤدي إلى:
تراجع في أسواق الأسهم
ضغط إضافي على ثقة المستهلك
توجه الأثرياء للادخار بدل الإنفاق
ما قد يؤدي في النهاية إلى فقدان الدعم الأخير للنمو الاقتصادي.
الخلاصة
الاقتصاد الأميركي حاليًا يقف على أكتاف المنفقين الأثرياء. ولكن مع تصاعد الضغوط السياسية، وتوقعات السوق القاتمة، فإن هذه الركيزة قد لا تصمد طويلًا.
هل يستمر الأغنياء في دعم النمو؟ أم أن الأسواق، والرسوم الجمركية، والضغوط المالية ستدفعهم نحو كبح الإنفاق؟
الأسابيع القليلة المقبلة – وتحديدًا ما بعد 2 أبريل – ستحمل الإجابة الحاسمة.
📬 اشترك الآن في نشرة مركب الاقتصادية لتصلك تحليلات دقيقة لأهم المتغيرات المؤثرة في الأسواق.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet