مع تراجع مؤشر الدولار الأميركي (DXY) بنسبة 9% منذ بداية العام، وهبوطه إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، بدأ المستثمرون يطرحون سؤالًا تقليديًا بإلحاح جديد: هل ضعف الدولار مفيد للأسواق الأميركية أم أنه يُخفي مخاطر أكبر؟
ورغم الفكرة الشائعة بأن ضعف العملة يعزز أرباح الشركات المصدّرة، فإن البيانات التاريخية تُظهر أن العلاقة بين ضعف الدولار وأداء الأسهم الأميركية ليست دائمًا إيجابية — بل في كثير من الأحيان كانت مخيّبة للآمال.
ضعف الدولار تاريخيًا: أداء باهت للأسهم الأميركية
في مذكرة بحثية حديثة، استعرض آدم باركر، مؤسس Trivariate Research والرئيس السابق لاستراتيجية الأسهم الأميركية في Morgan Stanley، حالات ضعف رئيسية للدولار الأميركي منذ عام 2001، حدّد فيها فترات تراجع فيها الدولار بأكثر من 5%.
وكانت النتائج واضحة:
الأداء الوسيط لسوق الأسهم الأميركية خلال تلك الفترات بلغ +7.5% فقط.
هذا وضع الولايات المتحدة في المرتبة السادسة من حيث الأداء الأسوأ بين 55 منطقة جغرافية تم تحليلها.
أبرز الأسواق المستفيدة:
اليونان: +17.6%
إندونيسيا: +17.5%
بيرو: +16.4%
كما سجلت ماليزيا وجنوب إفريقيا والبرتغال مكاسب في جميع تلك الفترات.
أما المكسيك، إسرائيل، سريلانكا، وباكستان، فكانت الوحيدة بأداء أسوأ من الولايات المتحدة خلال فترات ضعف الدولار.
الموجة الحالية: الأسواق الناشئة تُفاجئ... إيجابًا وسلبًا
في الدورة الحالية من ضعف الدولار، أظهرت الأسواق تباينًا واضحًا:
الأسوأ أداءً:
إندونيسيا: -11%
الدنمارك: -12.1%
تايوان: -13.4%
الأفضل أداءً:
إسبانيا: +27.3%
بولندا: +30.7%
كولومبيا: +32.9%
وعلى صعيد القطاعات:
الأفضل أداءً تاريخيًا: المعادن والتعدين، التمويل الاستهلاكي، البنى التحتية للنقل
الأسوأ أداءً: التكنولوجيا الحيوية، البنوك، تكنولوجيا الرعاية الصحية
لكن باركر يُحذر من الإفراط في الاستنتاج:
"الواقع الحالي مختلف تمامًا، ولا يمكننا الجزم بأن ما لم يحدث سابقًا لن يحدث الآن."
الأسهم الأميركية تتراجع في أبريل… والذهب يتألّق
شهدت وول ستريت موجة تصحيح خلال أبريل:
S&P 500 وناسداك تراجعا بحوالي 4%
داو جونز فقد 5.6%
سهم Apple (AAPL) تراجع 8.5%
في المقابل، الذهب بلغ أعلى مستوياته التاريخية، مستفيدًا من حالة عدم اليقين، وهو ما يؤكد ميل الأسواق نحو الأصول الدفاعية.
ومنذ بداية العام:
ناسداك يقود التراجعات بنسبة -10%
المؤشرات الثلاثة الكبرى فقدت أكثر من 7%
تهديدات ترمب ضد باول تزيد الصورة ضبابية
المشهد لا يتوقف عند الدولار والأسهم. فقد أثارت تهديدات الرئيس السابق دونالد ترمب بإقالة رئيس الفيدرالي جيروم باول موجة جديدة من القلق بشأن استقلالية السياسة النقدية، رغم أن ولاية باول تمتد حتى مايو 2026.
ديفيد كيلي، كبير الاستراتيجيين في JPMorgan Asset Management، شدد على أهمية تقييم الوضع بواقعية:
"رغم مرونة الاقتصاد الأميركي، فإن التدهور التدريجي قد يدفع المستثمرين لتوسيع استثماراتهم خارج الولايات المتحدة."
الدولار يضعف… لكن الأسهم الأميركية لا تحتفل
رغم أن النظريات التقليدية ترجّح استفادة الشركات الأميركية من ضعف الدولار، إلا أن الأرقام تُظهر أن الأسواق الناشئة غالبًا ما تكون الرابح الأكبر في مثل هذه البيئات.
وفي المقابل، تبقى الأسهم الأميركية عرضة للضغوط الناتجة عن التوترات التجارية، تقلبات الفيدرالي، وضبابية السياسة النقدية.
في عام 2025، يبدو أن مراقبة تحركات الدولار أصبحت ضرورة استراتيجية، وأن التنويع الجغرافي في المحافظ الاستثمارية لم يعد خيارًا رفاهياً، بل أحد أدوات التحوّط الأكثر أهمية في بيئة عالمية متقلبة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet