بيع أمريكا ليس مجرّد عنوان… بل واقع تقوده المخاوف من الفوضى التجارية
في لحظة غير مسبوقة من تاريخ الأسواق الأميركية، يتجه المستثمرون العالميون إلى بيع ما كان يُعد تقليديًا من الملاذات الآمنة — مثل الدولار الأميركي وسندات الخزانة طويلة الأجل — في ظل اضطرابات سياسية وتجارية أثارها الرئيس السابق دونالد ترمب.
الظاهرة باتت تُعرف في أوساط وول ستريت باسم: "Sell America"، أي "بيع أمريكا".
من الدولار إلى السندات… موجة البيع تتسارع
الرسم البياني يوضح هبوط مؤشر الدولار الأميركي (DXY) إلى أدنى مستوياته منذ عام 2022 بعد إعلان الرسوم الجمركية، بالتزامن مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات (^TNX) فوق 4.4%، ما يعكس التخلي عن أدوات التحوط التقليدية.
في وقت كان يُفترض فيه أن تتجه الأموال نحو الأصول الأميركية، نرى الآن العكس: الدولار يضعف والسندات تُباع، ما يؤدي إلى ارتفاع العوائد — وهي ظاهرة لا تُشاهد إلا في حالات القلق الشديد على الاستقرار المؤسسي.
السياسة تتغلب على الاقتصاد… وثقة المستثمرين تهتز
بدأت شرارة الأزمة حين صعّد ترمب هجومه على رئيس الفيدرالي جيروم باول، ملمّحًا إلى إمكانية إقالته — خطوة أثارت مخاوف من تسييس السياسة النقدية، التي لطالما كانت خطًا أحمر في النظام المالي الأميركي.
وفي ظل هذا الغموض:
الذهب ارتفع إلى أعلى مستوياته التاريخية
البيتكوين تجاوز 91,000 دولار
الدولار والسندات الأميركية تعرضتا لبيع جماعي
آن بيري من Threadneedle Ventures لخّصت الموقف بقولها:
"هذا ليس المكان المثالي لتكون فيه من منظور السرد الاستثماري."
المستثمرون الدوليون يعيدون تقييم علاقتهم مع أميركا
بيانات من JPMorgan تظهر تحوّلًا ملحوظًا:
صناديق الأسهم الأميركية شهدت تدفقات خارجة بقيمة 3.6 مليار دولار الأسبوع الماضي
في المقابل، الأسواق الدولية جذبت تدفقات صافية بلغت 3 مليارات دولار
وبحسب كالي كوكس من Ritholtz Wealth Management، فإن:
"المستثمرون الأجانب يمتلكون أكثر من ربع الديون الأميركية وثلث الأسهم... لكن كل دعائم الهيمنة الأميركية أصبحت الآن موضع شك."
بين التقلبات السياسية والركود المحتمل… أين يتجه المال الذكي؟
في العادة، ترتفع السندات والدولار معًا خلال الركود أو الأزمات. لكن اليوم، المشهد مقلوب — ما يعكس أزمة ثقة شاملة، بحسب مايكل غوسايمن Principal Asset Management:
"المستثمرون الدوليون الكبار يشعرون بالقلق حيال عدم اليقين في السياسة، والنمو، والتضخم."
لكن وسط هذه الفوضى، يرى البعض في الأزمة فرصة استثمارية:
"إذا كنت تبحث عن ملاذ فعلي في ظل مخاطر ركود، فلا يزال السند الأميركي هو الخيار الأفضل"،
بحسب كريشنا ميماني من Lafayette College.
الخلاصة: الملاذات الأميركية ليست محصّنة… والأنظار على واشنطن
ما نشهده ليس مجرد تراجع عابر في الأسواق، بل اختبار فعلي لمكانة الولايات المتحدة كمركز استقرار اقتصادي عالمي.
ومع استمرار الضبابية حول مستقبل الفيدرالي، والتصعيد في الرسوم الجمركية، تظل عيون المستثمرين شاخصة نحو واشنطن.
ما لم تُحسم هذه الملفات سريعًا، فإن موجة "بيع أمريكا" قد تتحول من اضطراب مؤقت إلى إعادة تسعير دائمة للمخاطر الأميركية.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب الدقيقة حول مستقبل الأسواق الأميركية — مباشرة إلى بريدك الإلكتروني، وكن دائمًا على بُعد خطوة من القرار الاستثماري الصحيح.