تحليل شامل لقرار الفيدرالي وخفض الفائدة وتأثيراته على الأسواق
في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)، كان لديه هدف واضح: إقناع الأسواق بأن خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس هو تعديل مدروس في السياسة النقدية، وليس إشارة إلى تأخر الفيدرالي في اتخاذ الإجراءات. وعلى الرغم من أن الأسواق كانت تأمل في لهجة أكثر تيسيرًا، إلا أن باول تمكن من تحقيق هذا الهدف. هذه الخطوة تتوافق مع دورات السوق المتوسطة السابقة، حيث يمكن للأسهم أن تواصل ارتفاعها في مثل هذه الظروف.
أهم النقاط من قرار الفيدرالي
خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس: جاء خفض الفائدة إلى نطاق 4.75% - 5.00% في ظل توقعات أكثر تحفظًا بشأن الاقتصاد الأمريكي. أظهر ملخص التوقعات الاقتصادية الجديد الصادر عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أن هناك توقعات بارتفاع معدلات البطالة بشكل أكبر مما كان متوقعًا، إلى جانب تباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض في معدلات التضخم. هذا الخليط من العوامل دفع اللجنة إلى خفض الفائدة اليوم مع توقعات بمزيد من التخفيضات بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماعين الأخيرين لهذا العام، إضافة إلى خفض قدره 100 نقطة أساس في عام 2025.
صحة سوق العمل: رغم هذه التوقعات الحذرة، أكد جيروم باول أن سوق العمل الأمريكي ما زال في حالة جيدة. وأشار إلى أن معدل البطالة الحالي البالغ 4.2% يعتبر منخفضًا مقارنة بالتاريخ الاقتصادي للولايات المتحدة، ما يدل على قوة سوق العمل. وأكد باول أن هذا المستوى المنخفض من البطالة نادراً ما شوهد منذ عام 1960 خارج فترات معينة مثل حرب فيتنام وفترات التوسع الاقتصادي في أواخر التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
معدلات المشاركة في القوى العاملة: أشار باول إلى أن معدلات المشاركة في القوى العاملة للأمريكيين في سن العمل (25-54 عامًا) تُظهر قوة في سوق العمل، حيث بلغت نسبة المشاركة 83.9%، وهي نسبة لم نشهدها منذ عام 2001. وهذه المعدلات تعتبر مرتفعة تاريخيًا، مما يشير إلى أن الأمريكيين يرون أن الظروف الاقتصادية مواتية للبحث عن فرص عمل والمشاركة في سوق العمل.
تخفيض الفائدة في منتصف الدورة: خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس يتماشى مع أنماط الفترات الاقتصادية المتوسطة، على الرغم من أن التخفيضات المعتادة تكون بمقدار 25 نقطة أساس. باول أكد أن هذا التخفيض لا يعني أن الفيدرالي متأخر في اتخاذ الإجراءات، بل هو خطوة مدروسة تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية.
التغيرات في قطاع التكنولوجيا والسوق الأوسع
تُظهر تقديرات محللي وول ستريت أن أسهم التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة أصبحت أقل جاذبية من حيث النمو المتوقع، إذ تشير التقديرات إلى أن العائد المتوقع على هذه الأسهم لا يتجاوز 2% في المتوسط (5% إذا استثنينا شركة تسلا). في المقابل، يتوقع المحللون أن العائد المتوقع لمؤشر S&P 500 ككل يصل إلى 12%. كما أن هناك تراجع في العائد المتوقع من أكبر 10 شركات غير تقنية في المؤشر، حيث يُتوقع أن يكون العائد الإضافي لها 0.1% فقط. خلاصة القول هي أن الفرص الكبيرة في أكبر الشركات قد تم استغلالها بالفعل، ويبحث المستثمرون الآن عن الفرص بين الـ 483 شركة المتبقية في المؤشر، التي يُتوقع أن تقدم عوائد أكبر خلال الـ 6 إلى 12 شهرًا المقبلة.
الخلاصة
قرار الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس يمثل خطوة هامة في بداية دورة تخفيض الفائدة. وعلى الرغم من أن الأسواق كانت تفضل نبرة أكثر تيسيرًا، إلا أن باول نجح في إيجاد التوازن المناسب بين توقعات الأسواق والأوضاع الاقتصادية الحالية. قرار الخفض يعكس رغبة الفيدرالي في دعم الاقتصاد دون الإشارة إلى وجود أزمة اقتصادية كبيرة في الأفق. أما بالنسبة لصناديق الاستثمار، فإنها لا تزال تعاني من تقلبات السوق، مما يعكس حالة التردد بين المستثمرين في العودة إلى ضخ المزيد من الأموال في الأسهم.
مع ذلك، فإن الفيدرالي يواصل متابعة المؤشرات الاقتصادية والتكيف مع الظروف المتغيرة، مما يشير إلى أن القرارات المستقبلية ستكون مبنية على التقييم المستمر للأوضاع الاقتصادية.
ملخص السوق: تراجع الأسهم الأمريكية رغم خفض الفائدة
أغلقت الأسهم الأمريكية منخفضة يوم الأربعاء، رغم ارتفاعها في البداية بعد أن قام الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة على المدى القريب بمقدار 50 نقطة أساس. تفوق أداء الأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة على نظيرتها الكبيرة، حيث تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.29%، بينما حقق مؤشر Russell 2000 ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.04%. كما انخفض مؤشر MSCI للأسواق الناشئة (EEM) بنسبة 0.35%، ومؤشر MSCI للأسواق المتقدمة (EFA) بنسبة 0.32%.
سجلت القطاعات المختلفة أداءً متباينًا، حيث تراجعت المرافق بنسبة 0.77% والتكنولوجيا بنسبة 0.51%، بينما حقق قطاع الطاقة ارتفاعاً بنسبة 0.25% وخدمات الاتصالات بنسبة 0.02%. على صعيد الشركات، كان أداء Intel (-3.26%) و Honeywell (-1.27%) من بين الأسوأ على مؤشر داو جونز (-0.25%)، في حين تصدرت Apple (+1.80%) وDisney (+0.78%) قائمة أفضل الشركات أداءً في المؤشر.
شهد مؤشر ناسداك انخفاضًا بنسبة 0.31%، في حين أظهرت أسهم شركات "FAAMG" أداءً متباينًا: Meta (+0.30%)، Amazon (-0.24%)، Apple (+1.80%)، Microsoft (-1.00%)، Alphabet (+0.33%).
ارتفع مؤشر VIX بنسبة 3.52% ليصل إلى 18.23. بالنسبة لعوائد سندات الخزانة الأمريكية، سجلت السندات لأجل 30 عامًا عائدًا بنسبة 4.031%، والسندات لأجل 10 سنوات بنسبة 3.713%، بينما انتهت عوائد السندات لأجل سنتين عند 3.628%.