إنفيديا تستثمر 500 مليار دولار في أمريكا.. البنية التحتية للذكاء الاصطناعي تدخل مرحلة غير مسبوقة
في تطور لافت يعكس حجم التحولات في خارطة الصناعة التكنولوجية الأمريكية، أعلنت شركة Nvidia (NVDA) يوم الإثنين عن خطة استثمارية تاريخية بقيمة 500 مليار دولار لبناء بنية تحتية متكاملة للذكاء الاصطناعي داخل الولايات المتحدة، على مدى السنوات الأربع المقبلة. هذه الخطوة تأتي في لحظة حرجة من التصعيد الجمركي، ما يضعها في قلب المواجهة بين الشركات التكنولوجية والإدارة الأميركية.
منشآت عملاقة في تكساس لتصنيع الحواسيب الخارقة
الخطة تتضمن إنشاء مصنعين جديدين في ولاية تكساس، بالتعاون مع شركتي Foxconn وWistron التايوانيّتين، لتصنيع حواسيب خارقة فائقة الأداء. ومن المتوقع بدء الإنتاج الكمي خلال 12 إلى 15 شهرًا.
أما أحدث رقائق Nvidia، المعروفة باسم Blackwell AI، فقد بدأت بالفعل مرحلة الإنتاج داخل منشأة TSMC (TSM) في فينيكس، أريزونا، ضمن مشروع توسعة استثماري عملاق تشارك فيه كبرى الشركات التايوانية.
رغم أن Nvidia لم تحدد بدقة المنتجات التي ستُنتج في تكساس، إلا أن الإشارة إلى "البنية السحابية للذكاء الاصطناعي" توحي باستهداف مراكز البيانات الأمريكية الجديدة.
موجة تصنيع محلي تقودها التكنولوجيا الأميركية
خطوة Nvidia ليست حدثًا منعزلًا، بل جزء من موجة تصنيعية تقودها عمالقة التكنولوجيا داخل الولايات المتحدة، مدفوعة برغبة استراتيجية في تقليل الاعتماد على الخارج وتفادي الرسوم الجمركية التصعيدية. أبرز الأرقام:
Apple (AAPL): استثمار بقيمة 500 مليار دولار في البنية التحتية الأميركية.
TSMC: خطة توسعة بـ100 مليار دولار لمرافق تصنيع الرقاقات داخل أمريكا.
Microsoft (MSFT): أعلنت عن إنفاق 80 مليار دولار في 2025، نصفها في الولايات المتحدة.
Meta (META): استثمار بـ65 مليار دولار في مراكز بيانات متقدمة، بينها مشروع ضخم في لويزيانا.
هذه الأرقام تؤكد أن الشركات العملاقة تتحرك بتنسيق شبه ضمني، كرد مباشر على سياسات ترمب التجارية.
تصريحات Huang: تصنيع الذكاء الاصطناعي يجب أن يبدأ من الداخل
جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لـNvidia، قال في البيان الرسمي:
"محركات بنية الذكاء الاصطناعي العالمية يتم بناؤها في الولايات المتحدة لأول مرة."
وفي مؤتمر GTC السنوي للشركة، أشار إلى أن Nvidia كانت تخطط منذ أشهر لتوسيع التصنيع داخل أميركا بهدف تفادي الاضطرابات الجمركية والتعقيدات الجيوسياسية، خصوصًا مع تصاعد التوترات مع الصين.
ترمب يُلوّح برسوم جديدة على أشباه الموصلات
تزامن الإعلان مع تصريحات نارية جديدة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أكد فيها أن إدارته ستفرض رسومًا على واردات أشباه الموصلات ومكونات تكنولوجية أخرى خلال هذا الأسبوع.
ويأتي هذا التصعيد بعد أن أصدرت الإدارة إعفاءات جمركية مؤقتة شملت:
وحدات معالجة الرسوميات (GPUs)
خوادم الذكاء الاصطناعي
لكن ترمب أوضح أن هذه الإعفاءات "ليست حقيقية"، بل مجرد إعادة تصنيف جمركي مؤقت، في إشارة إلى أن المنتجات ستُخضع لاحقًا لرسوم "قطاعية" قد تبلغ 25% أو أكثر.
هذه الخطوة تمثل تغييرًا استراتيجيًا في طبيعة الرسوم، من رسوم عامة إلى رسوم تستهدف سلاسل التوريد بكاملها.
سؤال مفتوح: هل تكفي الاستثمارات لتفادي الرسوم؟
مع توسع الاستثمارات الصناعية داخل أميركا، يُطرح السؤال الأساسي: هل هذه الخطوات كافية لتفادي الرسوم الجمركية بالكامل؟
في الوقت الحالي، يبدو أن الشركات الكبرى مثل Nvidia، Apple وTSMC تمتلك القدرة والمرونة والمصادر لتغيير خارطة إنتاجها خلال أقل من عامين.
لكن في المقابل، تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة صعوبات حقيقية في التكيّف مع هذا التوجه.
الرابح الأكبر في هذه المرحلة هو من يملك القدرة على التموضع الجغرافي السريع — سواء بتوسيع مصانع أو بإعادة تشكيل سلاسل التوريد.
الخلاصة
في ذروة الحرب التجارية، لم تنتظر Nvidia أو غيرها من عمالقة التكنولوجيا أن تتخذ واشنطن قرارًا نهائيًا بشأن الرسوم، بل بادرت بالتصنيع المحلي كخط دفاع استباقي. نصف تريليون دولار ليست مجرد استثمار، بل تصويت بالثقة على أن المستقبل الصناعي للذكاء الاصطناعي يجب أن يُبنى في الداخل.
لكن مع تعقّد الرسوم، وتغيّر تصنيفاتها، وازدياد ضبابية المواقف السياسية، فإن حتى الشركات الكبرى تحتاج إلى وضوح. وما لم تُحدد الإدارة الأميركية خريطة طريق واضحة، سيبقى السؤال قائمًا: من يسبق من؟ الاستثمارات... أم الرسوم؟
📬 اشترك الآن في نشرة مركب لتحصل على تحليلات حصرية لأسهم التكنولوجيا الكبرى، واستثمارات الذكاء الاصطناعي، وأحدث التطورات الاقتصادية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet