بين مارس 2022 ومارس 2024، شهدت شركة سوبر مايكرو كمبيوتر (SMCI)، التي تقدم حلولاً متقدمة لخوادم الطاقة العالية والكفاءة، قفزة غير مسبوقة في قيمتها السوقية، حيث ارتفعت من ما يزيد قليلاً عن 2 مليار دولار إلى ما يقارب 67 مليار دولار — أي بزيادة تقارب 30 ضعفاً في غضون 24 شهراً فقط.
ومع ذلك، رغم ارتفاع الإيرادات والشهية الكبيرة المتزايدة لمنتجاتها في سوق الذكاء الاصطناعي، انهارت أسهم سوبر مايكرو بشكل حاد، حيث فقدت أكثر من 78% من قيمتها خلال الأشهر الثمانية الماضية.
فيما يلي نظرة متعمقة على الصعود الصاروخي والانهيار الكارثي لشركة SMCI:
المنتج الصحيح في الوقت المناسب
في عام 1993، قرر تشارلز ليانغ، وهو تايواني-أمريكي، الابتعاد عن دوره كمهندس تصميم رئيسي في شركة ميكرو سنتر كمبيوتر، وتأسيس سوبر مايكرو كمبيوتر في سان خوسيه، كاليفورنيا. كان ليانغ يتمتع بخلفية قوية في الهندسة الكهربائية وحصل على العديد من براءات الاختراع، مما أتاح له تأسيس فكرة فريدة لصناعة خوادم عالية الأداء وكفاءة في استهلاك الطاقة لتلبية الطلب المتزايد للشركات.
برفقة زوجته وثلاثة أشخاص آخرين، أطلق ليانغ الشركة، وفي غضون عام، أصبحت سوبر مايكرو من بين الشركات الرائدة في تقديم الخوادم لشركات الأنظمة في أمريكا الشمالية. منذ البداية، تميزت منتجات الشركة من حيث السرعة والكفاءة والأداء. وحتى بعد عقود من التنافس، ما زالت سوبر مايكرو تعتبر من بين أبرز الشركات في هذا المجال.
لذا، كان من الطبيعي أنه مع ظهور الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد خلال عامي 2021 و2022، ومع توسع شركات التقنية في جميع أنحاء العالم، كانت سوبر مايكرو في الموقع المثالي للاستفادة من هذا التوجه الجديد.
الكشف عن الحقائق القبيحة
رغم تركيز الشركة الشديد على منتجها، بدأت الشكوك في الظهور حول ممارساتها المحاسبية منذ مارس 2024. بدأت أسهم الشركة في الانخفاض تدريجياً، متأثرة بعمليات بيع واسعة في قطاع التكنولوجيا وتقيمات من المحللين للأسهم تشير إلى التقييم العالي، بالإضافة إلى تسارع مبيعات الداخلية (مبيعات من الفريق التنفيذي).
لكن الأمور اتضحت بشكل كبير في أغسطس عندما توقف التفاؤل بشأن سوبر مايكرو فجأة. ففي 27 أغسطس، أصدرت شركة هيندنبورغ للأبحاث — وهي شركة ناشطة في عمليات البيع على المكشوف — تقريراً مطولاً كشف عن تاريخ مقلق للشركة، من أهم النقاط المثيرة للقلق:
في عام 2018، تم شطب الشركة من بورصة ناسداك لعدم تقديم البيانات المالية في الوقت المحدد، مما يدل على ضعف في الضوابط الداخلية.
في عام 2020، تمت إعادة إدراج SMCI، ولكنها تلقت تهمة من هيئة الأوراق المالية والبورصات بخصوص "انتهاكات محاسبية واسعة"، أبرزها التضخيم المصطنع في المبيعات.
لاحقاً، أعادت الشركة توظيف معظم التنفيذيين الذين أُقيلوا بسبب تورطهم في الفضيحة المحاسبية.
وجود معاملات تجارية متعددة، معلنة وغير معلنة، مع أطراف ذات صلة، معظمها اتفاقيات تجارية مع أشقاء تشارلز ليانغ.
ومع إصدار هذا التقرير، انهارت أسهم سوبر مايكرو بنسبة تزيد عن 60% من أعلى مستوياتها.
لا يوجد دخان بدون نار
في هذا الأسبوع، تلقى المستثمرون خبراً أكثر إثارة للقلق دفع السهم للهبوط بنسبة إضافية بلغت 47%. فقد أعلنت شركة إرنست آند يونغ، واحدة من أكبر شركات المحاسبة في العالم، عن استقالتها من دورها كمدقق حسابات سوبر مايكرو. وجاء في خطاب استقالتها:
"نستقيل بسبب معلومات وصلت إلينا مؤخراً تجعلنا غير قادرين على الثقة بتمثيلات الإدارة ولجنة التدقيق، وغير مستعدين لأن نرتبط بالبيانات المالية التي أعدتها الإدارة، وبعد استنتاجنا أننا لم نعد قادرين على تقديم خدمات التدقيق وفقاً للقانون أو الالتزامات المهنية."
حتى عام 2023، كانت سوبر مايكرو تدفع لشركة إرنست آند يونغ ما يقارب 5 ملايين دولار سنوياً كرسوم تدقيق، لذا فإن قرار شركة التدقيق بالتخلي عن هذه الرسوم لأسباب تتعلق بالثقة في الإدارة يعتبر خطوة صادمة.
لا يوجد خاتمة لهذا المقال..
قصة سوبر مايكرو لم تنتهِ بعد، لكنها تستحق المتابعة عن كثب. في مكان ما بين الطلب الكبير غير المحدود على منتجاتها وبين إشارات الخطر المحاسبية الكثيرة، تقبع الحقيقة.
يذكر أن سوبر مايكرو ستعلن عن أرباحها يوم الثلاثاء الموافق 5 نوفمبر، وسيكون لهذا الإعلان تأثير حاسم على مستقبل الشركة.