في زمن الاضطرابات التجارية... البنوك الكبرى تُثبت صلابتها بأرباح تفوق التوقعات
رغم تصاعد المخاوف من تباطؤ اقتصادي وشيك بفعل الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فإن نتائج الربع الأول من 2025 تكشف عن مفاجأة إيجابية: وول ستريت لا تزال متماسكة، على الأقل في الوقت الراهن. أرباح البنوك الأميركية الكبرى جاءت أعلى من التوقعات، مستفيدة من تقلبات الأسواق، لكن الغموض لا يزال يخيّم على المشهد.
نتائج قوية... رغم التقلبات التجارية
خلال الربع الأول من 2025، أعلنت خمسة من أكبر بنوك وول ستريت — JPMorgan Chase، Bank of America، Citigroup، Morgan Stanley، وGoldman Sachs — عن أرباح جماعية بقيمة 35 مليار دولار، بارتفاع 13% مقارنة بالعام الماضي.
كما سجلت إيرادات التداول الجماعي قفزة بنسبة 17%، متجاوزة 36 مليار دولار، مدفوعة بالتقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق في أعقاب بدء فرض الرسوم الجمركية في شهري فبراير ومارس.
الرسم البياني يُظهر ارتفاع إيرادات الأنشطة المصرفية الاستثمارية والتداول لدى أكبر البنوك، مقارنة بالسنوات السابقة، في إشارة إلى الاستفادة من اضطرابات السوق رغم تصاعد المخاطر الاقتصادية.
ثقة حذرة... ما قبل العاصفة
أجمع الرؤساء التنفيذيون للبنوك على أن الظروف "ما زالت تحت السيطرة" حتى الآن، مع استمرار الإنفاق الاستهلاكي، وعدم تسجيل ارتفاعات مقلقة في حالات التعثر أو التخلف عن السداد. لكن هذه التقييمات تستند إلى بيانات تسبق إعلان ترمب في 2 أبريل عن حزمة "يوم التحرير" الجمركية، والتي تسببت بهبوط حاد في الأسواق المالية.
مايك مايو، محلل البنوك في Wells Fargo، قال:
"القوة الظاهرة في أداء البنوك الخمسة فاقت التوقعات... لكن ما بعد 2 أبريل قد يغير كل شيء، إذا لم تُتّخذ خطوات سياسية واضحة لتخفيف الغموض."
إشارات متباينة من قادة البنوك
ديفيد سولومون (Goldman Sachs): "احتمالية الركود ارتفعت."
جيمي ديمون (JPMorgan): "الوضع مضطرب جدًا... والركود مرجّح."
جين فريزر (Citigroup): "الاقتصاد الأميركي سيظل الأقوى عالميًا بعد تخفيف الاختلالات."
براين موينيهان (Bank of America): "لا نتوقع ركودًا في 2025... المستهلك لا يزال نشطًا."
هذا التباين يعكس انقسامًا في التوقعات، ويؤكد أن السوق لم تصل بعد إلى توافق واضح بشأن المسار الاقتصادي في النصف الثاني من العام.
مخصصات احترازية... استعدادًا للأسوأ
رغم نبرة التفاؤل من بعض المسؤولين، قامت أربعة من أكبر البنوك — JPMorgan، Bank of America، Citigroup، وWells Fargo — بإضافة 8.4 مليار دولار كمخصصات لخسائر قروض محتملة، بزيادة 29% عن العام الماضي و9% عن الربع السابق.
هذه الخطوة تشير إلى استعداد داخلي لاحتمال التدهور في أوضاع الائتمان، وتكشف عن احترازات استباقية في حال اتجه الاقتصاد إلى الركود أو تراجعت ثقة المستهلكين والشركات.
قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية... تباطؤ لا يعني انهيار
رغم المخاوف، أظهرت بيانات بعض البنوك استمرار النشاط في قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية، لا سيما في الصفقات الكبرى.
تيد بيك، رئيس Morgan Stanley، قال:
"لا أرى إلغاءً للصفقات، بل مجرد وقفة مؤقتة، وهذا أمر طبيعي في مثل هذه الظروف."
الخلاصة
النتائج القوية للبنوك الكبرى في الربع الأول من 2025 تعكس مرونة الأسواق المالية، لكنها لا تلغي حقيقة أن المرحلة الأصعب قد تكون قادمة. فمع استمرار الرسوم الجمركية وتفاقم الغموض السياسي والنقدي، تتجه البنوك إلى تحصين ميزانياتها ورفع مخصصاتها، تحسبًا لأي تدهور في النصف الثاني من العام.
المستثمرون يترقبون الآن نتائج الربع الثاني، التي ستكون أول اختبار فعلي بعد تصعيد الرسوم في أبريل. وحتى ذلك الحين، تبقى وول ستريت في وضع ترقّب مشوب بالحذر.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet