المستثمرون الأفراد يواصلون الشراء.. هل يدعمون السوق أم يرفعون مستوى الخطر؟
في خضم التقلّبات والضبابية التي تسيطر على الأسواق الأميركية، يظهر سلوك واحد يلفت الأنظار: المستثمرون الأفراد لا يتوقفون عن الشراء. فرغم التوترات الجيوسياسية والبيانات الاقتصادية المُقلقة، يواصل هؤلاء ضخ الأموال في الأسهم، متحدّين بذلك مزاج وول ستريت المتشائم.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يعكس هذا السلوك ثقة حقيقية؟ أم أنه مجرد رهان عاطفي في توقيت بالغ الحساسية؟
الأفراد يتصدّرون موجات الشراء... وNvidia في المقدمة
بحسب تقرير حديث من Vanda Track، ضخّ المستثمرون الأفراد نحو 32.9 مليار دولار في الأسواق الأميركية منذ التراجع الأخير لمؤشر S&P 500 في أواخر فبراير، وهي من أعلى الفترات في الشراء منذ 2014، وتحديدًا ضمن النسبة المئوية 97.
الرسم البياني يُظهر أبرز الأسهم التي اشترتها هذه الفئة خلال خمسة أيام، بقيادة Nvidia (NVDA)، وTesla (TSLA)، وPalantir (PLTR)، متقدمة على عمالقة مثل Amazon (AMZN) وApple (AAPL) وAlphabet (GOOG).
🔹 هذا التباين بين سلوك المستثمرين الأفراد وتشاؤم السوق دفع ماركو إياكيني من Vanda إلى القول:
"هناك فجوة متزايدة بين الأفراد وصناديق المؤشرات... ما يدل على أن الأفراد يرون فرصًا لا تراها المؤسسات."
عوامل سلبية تتراكم... والواقع يفرض الحذر
في حين يراهن البعض على أن "كل تراجع هو فرصة"، فإن الصورة الاقتصادية الأوسع لا توحي بالكثير من الطمأنينة:
ترمب أعاد فرض الرسوم الجمركية إلى الواجهة، وهو ما دفع JPMorgan لخفض تقييماته لكل من Ford وGM، واصفًا هذه الرسوم بـ"التهديد المادي" للأرباح.
شركات كبيرة مثل FedEx (FDX) وDelta (DAL) وNike (NKE) أطلقت تحذيرات بشأن ضعف في الطلب.
حتى شركات التجزئة بدأت تُعيد النظر في خططها. قالت Sharon Price John، الرئيسة التنفيذية لشركة Build-A-Bear (BBW):
"الرسوم تعني ألعابًا بأسعار أعلى، وهذا ما نشهده بالفعل."
المصممة Rebecca Minkoff عبّرت عن المخاوف ذاتها، مشيرة إلى أن الشركات أصبحت أكثر تحفظًا في قراراتها الشرائية والمخزونية.
وقال Gary Cohn، النائب السابق لمدير المجلس الاقتصادي الوطني:
"الغموض هو العدو الأول للسوق، سواء أتى من الحكومة أو من القطاع الخاص."
وول ستريت تعيد النظر... فهل نعيش لحظة انعكاس؟
بينما تواصل فئة الأفراد ضخ السيولة، بدأت وول ستريت تخفّض توقعاتها لمؤشر S&P 500، ما قد يشير إلى بداية انعكاس في المزاج العام.
التحوّل التدريجي نحو شراء صناديق المؤشرات (ETFs) بدلاً من الأسهم الفردية يُفسَّر تقليديًا كعلامة على الخوف الحقيقي... وحتى الآن، لم نصل إلى هذه المرحلة، لكن الإشارات بدأت تظهر.
"التناقض بين التفاؤل السلوكي والتشاؤم التحليلي قد يكون علامة على أننا نقترب من لحظة حاسمة"، يقول أحد المحللين.
الخلاصة
رغم المخاطر الواضحة، يستمر المستثمرون الأفراد في ضخ السيولة، رافعين أسهم التكنولوجيا في مقدمتهم. لكن خلف هذا الاندفاع تكمن أسس اقتصادية هشة، ورسوم جمركية، وضعف طلب، وضبابية سياسية، قد تُعيد رسم المشهد في أي لحظة.
السوق يقف على مفترق طرق. فإما أن يُثبت الأفراد أنهم كانوا على حق، أو يدفعون الثمن في تصحيح أعمق مما هو متوقع.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلاتنا مباشرة إلى بريدك الإلكتروني – عبر مركب.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet