مبيعات التجزئة أقوى من المتوقع.. فهل يثبت الاقتصاد الأميركي صموده أمام الرسوم؟
في وقتٍ تعيش فيه الأسواق العالمية حالة من الترقب بسبب تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، جاءت بيانات مبيعات التجزئة الأميركية لشهر مارس لتقدّم مفاجأة إيجابية عززت الآمال بقوة الاقتصاد الأميركي، ولكن في ذات الوقت، أثارت تساؤلات كبيرة حول استدامة هذا الزخم في ظل تصاعد السياسات الحمائية.
نمو استهلاكي هو الأقوى منذ عامين
وفقًا لأرقام مكتب الإحصاء الأميركي، سجلت مبيعات التجزئة في مارس نموًا بنسبة 1.4%، وهو أعلى ارتفاع شهري منذ يناير 2023، متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى 0.9% فقط، وذلك مقارنة بزيادة طفيفة بلغت 0.2% في فبراير.
يُظهر الرسم التغير الشهري في مبيعات التجزئة الأميركية منذ يناير 2023، ويُبرز شهر مارس 2025 كأقوى أداء منذ أكثر من عامين، قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيّز التنفيذ.
المؤشرات المفصّلة: إشارات قوة وتباين
المجموعة الضابطة (Control Group)، وهي مقياس رئيسي يُستخدم في حساب الناتج المحلي الإجمالي، سجلت نموًا بنسبة 0.4%، لكن دون التوقعات البالغة 0.6%.
مبيعات التجزئة باستثناء السيارات والغاز، والتي تعطي قراءة أوضح للإنفاق الاستهلاكي الأساسي، ارتفعت بنسبة 0.8%، متجاوزة التوقعات البالغة 0.6%.
كما تم مراجعة أرقام فبراير للمجموعة الضابطة صعودًا من 1% إلى 1.3%، ما يعكس زخمًا أقوى في الربع الأول من 2025 مما كان متوقعًا.
الرسوم الجمركية... التهديد الذي يلوح في الأفق
جاء هذا الأداء القوي قبل بدء التأثير الكامل لرسوم "يوم التحرير" التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب مطلع أبريل، والتي رفعت متوسط التعرفة الجمركية الأميركية إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
ويرى عدد من المحللين أن هذا النمو قد يكون قصير الأجل، إذ أن:
الرسوم سترفع تكلفة الواردات، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وضغط إضافي على المستهلك.
قد تتباطأ وتيرة الإنفاق خلال الربع الثاني من العام، خصوصًا في حال انتقال الرسوم إلى الأسعار النهائية بسرعة.
في حال استمر التصعيد التجاري، فإن الركود الاقتصادي قد يعود كأحد السيناريوهات المحتملة في النصف الثاني من 2025.
موقف الفيدرالي: هل يفقد مساحة المناورة؟
صرّح جيمس إيغيلهوف، الخبير الاقتصادي في بنك BNP Paribas، بأن الفيدرالي نجح حتى الآن في الاقتراب من تحقيق "الهبوط الناعم"، لكن المستجدات التجارية قد تعيد الحسابات من جديد:
"سوق العمل لا يزال قويًا، والتضخم مستقر نسبيًا، مما منح الاحتياطي الفيدرالي حرية كبيرة في قراراته. لكن الرسوم الجديدة قد تُربك هذه المعادلة وتُقيّد أي خطوة محتملة لخفض الفائدة."
وفي وقت يترقب فيه المستثمرون قرار الفيدرالي القادم بشأن السياسة النقدية، بات من الواضح أن البيئة الاقتصادية أصبحت أكثر تقلبًا وتعقيدًا بفعل العوامل التجارية.
الخلاصة
رغم أن بيانات مارس قدمت جرعة تفاؤل قوية للأسواق، إلا أن الحقيقة الأعمق تشير إلى تحديات متصاعدة في الأفق. النمو الاستهلاكي القوي كان على الأرجح "الهدوء الذي يسبق العاصفة"، قبل أن تبدأ آثار الرسوم الجمركية في التسرب إلى جيب المستهلك الأميركي.
ومع دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة غير مسبوقة من التوترات التجارية والتضخم المحتمل، ستكون الأشهر المقبلة اختبارًا حقيقيًا لقدرة السوق الأميركية على الصمود أمام رياح الحمائية التي تهبّ من كل اتجاه.
📩 بدّل اشترك الآن لتبقى على اطلاع بأحدث التحليلات الاقتصادية وأقوى الفرص الاستثمارية مباشرة إلى بريدك!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet