مؤشر التضخم المفضل للفيدرالي يكشف إشارات مبكرة لتأثير الرسوم الجمركية
يبدو أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب بدأت تُظهر أثرها على التضخم في وقت مبكر مما كان متوقعًا. فقد كشفت أحدث بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (Core PCE) – المعيار المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم – عن تسارع في وتيرة الأسعار، ما يعقّد مهمة الفيدرالي في موازنة أهدافه بين كبح التضخم ودعم النمو الاقتصادي.
فهل أصبح خطر "الركود التضخمي" أكثر واقعية من أي وقت مضى؟
التضخم يتسارع... والرسوم تترك بصمتها
أعلنت وزارة التحليل الاقتصادي الأميركية (BEA) أن مؤشر الأسعار الأساسي ارتفع بنسبة 2.8% على أساس سنوي في فبراير، متجاوزًا قراءة يناير البالغة 2.7%، ومخالفًا توقعات وول ستريت التي رجّحت بقاءه دون تغيير.
أما شهريًا، فقد ارتفع المؤشر بنسبة 0.4% مقارنة بـ0.3% في يناير، في إشارة إلى ضغوط تضخمية متصاعدة، قد تكون مرتبطة بتكاليف الإنتاج والاستيراد المتأثرة بالرسوم الجمركية.
وفي المقابل، بقي التضخم العام مستقرًا عند 2.5% سنويًا، مما قد يمنح الفيدرالي فسحة مؤقتة، لكنها غير مضمونة.
دخول ترتفع... وإنفاق يتحفّظ
ارتفعت الدخول الشخصية بنسبة 0.8% في فبراير، مدعومة بتحسن في سوق العمل.
لكن الإنفاق الاستهلاكي ارتفع بنسبة 0.1% فقط، بعد تراجع كبير بنسبة 0.6% في يناير.
هذا التفاوت يعكس سلوكًا أكثر حذرًا من جانب المستهلكين، في ظل استمرار الغموض بشأن الأسعار والسياسات التجارية، وهو ما قد يُضعف الزخم الاستهلاكي، الذي يُشكل العمود الفقري للنمو الأميركي.
باول متفائل بحذر... لكن البيانات تتحدث
رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حاول التخفيف من القلق، مشيرًا إلى أن تأثير الرسوم الجمركية قد يكون "مؤقتًا"، كما حصل في فترات سابقة.
"آخر مرة فُرضت فيها رسوم جمركية، كان التضخم وقتها مؤقتًا... وهذا ما نعتقده الآن أيضًا."
لكن محللين اقتصاديين يرون أن الأوضاع الحالية أكثر تعقيدًا، لا سيما مع دخول الرسوم الجديدة حيّز التنفيذ بالتزامن مع تباطؤ في مؤشرات النمو.
الأسواق تتحرك تحت وقع الأرقام
رد فعل الأسواق لم يكن إيجابيًا:
مؤشر S&P 500 تراجع بنحو 22 نقطة،
الداو جونز خسر 170 نقطة،
ناسداك انخفض بـ 140 نقطة.
أما في سوق السندات، فقد:
تراجعت عوائد السندات لأجل عامين إلى 3.986%
وانخفضت عوائد العشر سنوات إلى 4.323%
في المقابل، ارتفع مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.19% إلى 104.431، وسط تزايد الطلب على الدولار كملاذ آمن في ظل تزايد الغموض.
الفيدرالي محاصر بين التضخم والنمو
الوضع الجديد يضع الفيدرالي في موقف صعب. فمع التضخم المرتفع من جهة، ومؤشرات تباطؤ النمو من جهة أخرى، يصبح قرار خفض الفائدة أكثر تعقيدًا مما كان متوقعًا.
"الوضع صعب، فالتضخم لم يُهزم بعد، والرسوم الجمركية – خاصة على السيارات – قد تزيد التضخم وتبطئ الاقتصاد معًا"، يقول بول توفت من Key Private Bank.
ورغم التوقعات السابقة بخفض الفائدة في يونيو وسبتمبر، إلا أن هذه التوقعات بدأت تهتز مع صدور بيانات التضخم الجديدة.
هل يعود شبح "الركود التضخمي"؟
مع تفاقم الضغوط التضخمية وتباطؤ محتمل في الإنفاق، عاد الحديث عن سيناريو "الركود التضخمي" – وهو أسوأ ما قد تواجهه الاقتصادات الكبرى، حيث يتزامن التضخم المرتفع مع ركود اقتصادي.
"الركود التضخمي لم يعد مجرد احتمال نظري، بل بات خطرًا حقيقيًا عبر الحدود"، بحسب جيفري روش، كبير الاقتصاديين في LPL Financial.
الخلاصة
ارتفاع مؤشر التضخم المفضل لدى الفيدرالي يعيد رسم خارطة التوقعات النقدية والاقتصادية في الولايات المتحدة. الرسوم الجمركية بدأت بوضوح في ترك أثرها، ليس فقط على الأسعار، بل على قرارات المستهلكين، وتوقعات المستثمرين، وخطط الفيدرالي ذاته.
الأيام المقبلة ستُحدد إن كان هذا مجرد ارتداد مؤقت... أم بداية لتحوّل أعمق في مسار الاقتصاد الأميركي.
📬 اشترك الآن لتصلك تحليلات الأسواق وآخر بيانات التضخم وأسهم الشركات الكبرى مباشرة إلى بريدك الإلكتروني، وابقَ على اطلاع قبل أي خطوة استثمارية!