مستقبل رئاسة الفيدرالي على المحك.. من قد يخلف باول إذا قرر ترمب الإطاحة به؟
في خضم توتر سياسي واقتصادي متصاعد، يعود إلى واجهة المشهد سؤال جوهري: هل يقترب رحيل جيروم باول عن رئاسة الاحتياطي الفيدرالي؟ وبينما تتضخم الضغوط على الفيدرالي بفعل السياسة النقدية الصارمة، يلوّح الرئيس السابق دونالد ترمب بإمكانية الإطاحة بباول في حال عودته إلى البيت الأبيض، وسط تسريبات عن قائمة بديلة بدأت تتشكل خلف الكواليس.
ترمب يضغط... وقائمة البدائل تظهر إلى العلن
رغم أن ولاية جيروم باول تمتد حتى مايو 2026، إلا أن الانتقادات التي يوجهها ترمب لأداءه في كبح التضخم دفعت مراقبي السوق إلى ترقّب التغيير. مصادر مقربة من الإدارة الجمهورية المحتملة أكدت أن البحث جارٍ بالفعل عن اسم بديل قادر على توجيه الفيدرالي نحو نهج أكثر توافقًا مع أولويات البيت الأبيض المقبلة.
كيفن وورش في الصدارة: صلة وصل بين وول ستريت وبرنانكي
يتصدّر كيفن وورش قائمة الأسماء المحتملة، وهو الحاكم السابق في الاحتياطي الفيدرالي الذي اشتهر بدوره كمستشار موثوق خلال أزمة 2008، حين كان يربط بين رئيس الفيدرالي آنذاك بن برنانكي والأسواق المالية.
ورش لم يُخفِ انتقاداته لما وصفه بـ"تسييس قرارات الفيدرالي"، وأكد في مقال سابق على صفحات Wall Street Journal أن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم يبقى محدودًا مقارنة بتأثير خفض الإنفاق وتحرير الاقتصاد من القيود.
وقد التقى وورش مع ترمب في فبراير ومارس الماضيين لمناقشة سيناريوهات استبدال باول، إلا أنه حذّره من اتخاذ خطوة كهذه قبل نهاية الولاية الرسمية، بحسب ما كشفته الصحيفة نفسها.
الرسائل المختلطة من ترمب... واحتمالية الإقالة أقل من 50%
ورغم هذه النصائح، لا تزال نوايا ترمب غير محسومة. ففي الوقت الذي أعرب فيه عن ندمه لاختيار باول، بحسب مستشاره الاقتصادي المقرب ستيف مور، اعتبر الأخير أن احتمالية الإقالة "أقل من 50%" لكنها لا تزال مطروحة.
مور أضاف أن باول تخطى حدود الاستقلال عندما وصف تأثير الرسوم الجمركية على التضخم بـ"المقلق"، معتبرًا ذلك موقفًا حزبيًا أكثر من كونه تحليلًا موضوعيًا.
قائمة بدائل موسعة: من حقبة ريغان إلى عهد ترمب
إذا ما استُبعد وورش، فإن القائمة تشمل أسماء بارزة أخرى، مثل:
كيفن هاسيت: مدير المجلس الاقتصادي الوطني حاليًا.
آرثر لافر: الاقتصادي المؤثر في سياسات إدارة ريغان.
لاري كودلو: مذيع واقتصادي بارز شغل أيضًا منصبًا اقتصاديًا رفيعًا في إدارة ترمب السابقة.
وعند سؤاله عن إقالة باول، أجاب هاسيت بأن "الفريق الرئاسي لا يزال يدرس الأمر"، ما يعكس استمرار دراسة الفكرة دون استبعادها.
كريس والر: مرشح "المرحلة الانتقالية" برؤية أكثر مرونة
في كواليس الترشيحات، يبرز اسم كريس والر، عضو مجلس المحافظين في الفيدرالي والمُعيّن من قبل ترمب سابقًا. والر يرى أن التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية "مؤقت"، ويدعو إلى خفض الفائدة لتفادي الركود، حتى إن لامس التضخم 5%.
في موقفه الذي وصفه بالواقعي، قال:
"فشلنا في 2021 حين ظننا أن التضخم عابر، لكن هذا لا يعني أن النظرية خاطئة إلى الأبد."
تصريحه يعكس استعدادًا لمقاربة نقدية أكثر مرونة، ما قد يضعه ضمن الخيارات المفضلة لترمب في حال أراد الانتقال التدريجي لقيادة جديدة.
هل يستطيع ترمب فعليًا إقالة باول؟ معركة قانونية تلوح في الأفق
قانونيًا، لا يستطيع الرئيس عزل رئيس الفيدرالي بسهولة، فالأعضاء يُعيّنون لفترة 14 عامًا ولا يُقالون إلا "لأسباب موجبة". غير أن غموض هذه العبارة يُثير نقاشًا قانونيًا واسعًا.
جاريت سيبرغ، المحلل في TD Cowen، يرى أن ترمب قد يحاول الاعتماد على مبررات سياسية كما فعل سابقًا حين أقال عضوين ديمقراطيين من "الإدارة الوطنية لاتحادات الائتمان"، مستغلًا ثغرات قانونية في الهيئات التنظيمية.
صراع السياسات النقدية يتجاوز الأسماء
الجدل الدائر حول رئاسة باول لا يُختصر في شخصه، بل يكشف عن التوتر العميق بين رؤية تقليدية تُشدد على استقلالية الفيدرالي، ورؤية سياسية تسعى لجعل السياسة النقدية أداة داعمة لأجندة النمو والتحفيز.
بينما يدعو باول إلى التريث والحذر، فإن وورش ووالر وهاسيت يُقدّمون أطروحات قد تدفع نحو خفض سريع للفائدة، ولو مؤقتًا، وهو ما يفتح الباب لتغيير دراماتيكي في مسار السياسة النقدية الأميركية في حال أُجريت التعيينات الجديدة.
الخلاصة:
مهما كان مصير باول، فإن معركة "من يخلفه" قد بدأت فعليًا، وقد تكون أحد أهم رهانات ترمب الاقتصادية في حال فاز بولاية جديدة. استقلالية الفيدرالي أصبحت قضية سياسية بامتياز، والتوجهات المقبلة قد تعيد رسم علاقة السياسة بالنقد لعقود قادمة.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب لأبرز تطورات الأسواق — مباشرة إلى بريدك الإلكتروني وكن دائمًا على بُعد خطوة من القرار الاستثماري الصحيح.
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet