بين التشدد الأوروبي والضغط الأميركي... معركة تنظيم الذكاء الاصطناعي تشتد
في مشهد جديد من صراع الهيمنة العالمية على معايير التكنولوجيا، صعدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على الاتحاد الأوروبي، مطالبة بتخفيف أو تعليق قواعده التنظيمية الجديدة الخاصة بالذكاء الاصطناعي. هذه التحركات تبرز معركة أوسع حول من سيرسم ملامح مستقبل التكنولوجيا في العالم.
رسالة مباشرة: اعتراض رسمي على مدونة قواعد الذكاء الاصطناعي
في خطوة غير معتادة، وجهت البعثة الأميركية لدى الاتحاد الأوروبي رسالة إلى المفوضية الأوروبية تحثها على مراجعة "مدونة قواعد الممارسات" الخاصة بالذكاء الاصطناعي قبل إقرارها النهائي【بلومبرغ】.
ولم تكتف واشنطن بمخاطبة المفوضية، بل أرسلت الرسالة أيضًا إلى عدة حكومات أوروبية، موضحة رفضها للقواعد الجديدة التي وصفتها بأنها "مرهقة ومبالغ فيها"، بحسب مصادر مطلعة.
رغم أن هذه المدونة ما تزال اختيارية، فإن تجاهلها قد يُعرّض الشركات لمراقبة أكثر صرامة لاحقًا بموجب "قانون الذكاء الاصطناعي" الأوروبي، والذي يفرض غرامات قد تصل إلى 7% من الإيرادات السنوية في حال المخالفة.
محور الخلاف: معايير الشفافية والاختبار والملكية الفكرية
تتركز اعتراضات واشنطن على عدة جوانب من الإطار الأوروبي:
معايير شفافية مرتفعة تفرض على المطورين الكشف عن آليات عمل نماذج الذكاء الاصطناعي.
قيود صارمة على الملكية الفكرية المتعلقة بتطوير وتدريب النماذج.
اختبارات إلزامية من قبل أطراف ثالثة، ما تعتبره الشركات الأميركية تدخلاً تنظيميًا مبالغًا فيه.
ترمب وصف هذه القواعد خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بأنها "شكل جديد من الضرائب على الابتكار الأميركي"، مؤكدًا أن هذه السياسات تُهدد تفوق شركات التكنولوجيا الأميركية عالميًا.
شركات التكنولوجيا الأميركية تُصعّد المواجهة
لم تقتصر المعارضة على الحكومة الأميركية فقط. شركات التكنولوجيا الكبرى دخلت على الخط:
Meta : رئيس الشؤون العالمية جويل كابلان وصف مدونة السلوك بأنها "غير قابلة للتطبيق"، مؤكدًا أن الشركة لن تلتزم بها بصيغتها الحالية.
Alphabet (Google): انتقدت المسودة معتبرةً أن بعض متطلباتها "تتجاوز حدود التنظيم المنطقي."
تصعيد الشركات يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى الأزمة، مع تحذير الشركات من أن التنفيذ الحرفي لهذه القواعد قد يُكلف الابتكار العالمي ثمناً باهظًا.
تصعيد إضافي: غرامات أوروبية تؤجج التوتر
زادت الأزمة حدة هذا الأسبوع بعد أن فرضت المفوضية الأوروبية غرامات ضخمة على Apple وMeta بلغت قيمتها الإجمالية 700 مليون يورو بسبب مخالفات لقوانين المنافسة.
البيت الأبيض رد واصفًا العقوبات بأنها "ابتزاز اقتصادي"، مما يؤشر إلى أن العلاقات التجارية عبر الأطلسي قد تتدهور أكثر.
وفي محاولة للتهدئة، عرضت الحكومة الأميركية إرسال خبراء تقنيين للتواصل مع الاتحاد الأوروبي بهدف "توضيح المخاوف" قبل اتخاذ قرارات نهائية.
الخلاصة
تصاعد المواجهة بين واشنطن وبروكسل بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي يكشف عن معركة استراتيجية على مستقبل التكنولوجيا العالمية. فبينما يدفع الاتحاد الأوروبي نحو نهج تنظيمي صارم لحوكمة الذكاء الاصطناعي، ترى إدارة ترمب أن هذه السياسات تُهدد ريادة شركاتها الكبرى.
مع اقتراب التصويت النهائي على مدونة القواعد الأوروبية الشهر المقبل، يبدو أن معركة وضع المعايير التكنولوجية لن تبقى محصورة في قاعات الاجتماعات، بل قد تتطور إلى جبهة جديدة في الحرب التجارية الشاملة بين الولايات المتحدة وأوروبا.
📩 اشترك الآن في نشرة "مركب" لتصلك تحليلاتنا وأهم الفرص الاستثمارية المقبلة مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet