من التصعيد الشامل إلى الاستهداف الجزئي.. ترمب يُخفف النبرة والصين تراقب
في خضم التصعيد المستمر للحرب التجارية بين واشنطن وبكين، أعلنت الإدارة الأميركية عن خطوة جديدة تستهدف السفن الصينية، ما ينذر بجولة توتر جديدة في العلاقات الثنائية. لكن اللافت كان في النبرة الجديدة التي تبنّاها الرئيس دونالد ترمب، والتي تشير إلى إمكانية التراجع عن بعض الإجراءات إذا أحرزت المفاوضات تقدمًا فعليًا.
رسوم جديدة على السفن... وتصريحات تصالحية من ترمب
أقرت إدارة ترمب حزمة جديدة من الرسوم الجمركية على السفن الصينية التي تدخل الموانئ الأميركية، في خطوة قد تُعقّد الوضع المتأزم أصلًا. ومع ذلك، حرص ترمب على إرسال رسائل تهدئة، قائلًا:
"سنبرم صفقة جيدة جدًا مع الصين. لا أريد الاستمرار في رفع الرسوم الجمركية. بل قد أفضّل خفضها لحماية المستهلك الأميركي."
كما كشف عن تقدّم في محادثات مع شركاء تجاريين آخرين، من بينهم المكسيك، وإيطاليا، واليابان، مشيرًا إلى محادثات إيجابية مع الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، ولقاء ناجح مع رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني.
بكين منفتحة على التفاوض... ولكن بشروط
من جانبها، أبدت الصين استعدادًا للعودة إلى طاولة المفاوضات، لكنها اشترطت "الاحترام المتبادل" ووقف التصريحات العدائية الصادرة عن بعض أعضاء الإدارة الأميركية.
ومع استمرار الرسوم الأميركية التي بلغت 245% على واردات معينة، ورد الصين برفع رسومها إلى 125% على السلع الأميركية، يبقى التصعيد قائمًا لكن مع بصيص أمل في التهدئة.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت:
"نحن نحقق تقدمًا مع كبار شركائنا التجاريين، من اليابان إلى كوريا الجنوبية والهند والاتحاد الأوروبي."
فيتنام تتحرك بذكاء... وتويوتا تعيد التموضع
الدول الآسيوية بدأت التحرك بمرونة للتكيّف مع التصعيد الأميركي تجاه الصين. رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه وصف علاقته بواشنطن بأنها "فريدة"، ويقود مفاوضات نشطة لتجنّب التعرض للرسوم المرتفعة.
أما الشركات العالمية، فبدأت بإعادة رسم خرائط الإنتاج: تويوتا تدرس تصنيع سيارتها RAV4 داخل الأراضي الأميركية لتفادي الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة، في خطوة تعبّر عن إعادة تشكيل جوهرية في سلاسل التوريد العالمية.
ترمب يلمّح إلى خفض الرسوم بدل زيادتها
في تصريح مفاجئ من المكتب البيضاوي، قال ترمب إنه تلقّى إشارات من مسؤولين صينيين نيابة عن الرئيس شي جينبينغ، تعكس رغبة في استئناف المفاوضات.
وأضاف:
"في مرحلة ما، لا أريد أن تصبح الرسوم مرتفعة لدرجة تمنع الناس من الشراء. ربما لا أريد رفعها، بل ربما أفضّل خفضها."
هذه التصريحات، رغم استمرار الإجراءات التصعيدية، تعكس تحولًا ملحوظًا في الخطاب، ما يُفسّر كمحاولة لامتصاص الضغوط الداخلية قبل الانتخابات المقبلة.
أوروبا تُلوّح بالرد... والتصعيد قد يتوسع
في تطور جديد، كشفت تقارير أوروبية عن نية الاتحاد الأوروبي فرض قيود على صادراته إلى الولايات المتحدة إذا لم تُثمر المفاوضات الجارية عن نتائج إيجابية.
الخطوة الأوروبية تستهدف "الردع لا التصعيد"، لكن إن تم تنفيذها، فقد تُفجّر جولة جديدة من المواجهات التجارية، لا سيما في ظل التهديدات السابقة من ترمب بفرض رسوم 50% على المعادن الكندية ردًا على سياسات أونتاريو.
خلاصة
رغم فرض رسوم جديدة على السفن الصينية وتصعيد الجمارك على الواردات، بدأ الرئيس ترمب بتعديل نبرته، مرسلًا إشارات تهدئة واضحة تجاه بكين وباقي الشركاء التجاريين. ومع تحرّكات ذكية من دول مثل فيتنام، ومناورات صناعية من شركات كبرى كتويوتا، يبدو أن خريطة التجارة العالمية تعيش لحظة إعادة تموضع كبرى.
الأسابيع القادمة ستكون حاسمة: فإما تُترجم هذه التصريحات إلى اتفاق فعلي، أو نشهد انفجارًا جديدًا في الحرب التجارية العالمية، هذه المرة بمشاركة فاعلة من الاتحاد الأوروبي.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب الاقتصادية وتغطيات الأسواق العالمية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet