الرسوم الجمركية تُشعل فوضى الأسواق.. فهل بدأ المستثمرون فعليًا ببيع الأصول الأميركية؟
في واحد من أكثر الأسابيع اضطرابًا منذ سنوات، تلقّت الأسواق الأمريكية صدمة مزدوجة: ارتفاع تاريخي في الرسوم الجمركية، وتخبط غير مسبوق في السياسة التجارية. وبينما رفع الرئيس دونالد ترمب الرسوم على الصين إلى 145%، انزلقت الأسواق في موجة بيع عارمة، دفعت بعض المحللين إلى التحذير من تحوّل الأسواق إلى صفقة بيع شاملة لأمريكا.
فيما كان يُفترض أن يُمثّل "الهبوط السلس" خيار الفيدرالي لضبط الاقتصاد، بات اليوم مهددًا بعودة سيناريو الركود التضخمي.
الأسواق تتخلّى عن الملاذات الآمنة... والدولار تحت الضغط
ما كان يُفترض أن يكون ملاذًا آمنًا وقت الأزمات، كالخزانة الأميركية والدولار، تحوّل فجأة إلى نقطة ضعف. الهروب من الأصول الأميركية يُعبّر عن فزع حقيقي تجاه مستقبل الاقتصاد الأميركي، وعن تآكل الثقة في السياسات الحالية.
الرسم يُظهر تراجع مؤشر الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عام، وارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى أكثر من 4.6%.
انفجار الرسوم الجمركية... وتأجيلات لا تُطمئن
منذ أن أعلن ترمب في 2 أبريل عن أكبر زيادة جمركية منذ قرن، تغيرت قواعد اللعبة:
الرسوم على الصين ارتفعت إلى 145%
الرسوم على 75 دولة أُجّلت لمدة 90 يومًا
متوسط الرسوم الفعلية في الولايات المتحدة بلغ 27%
الرسم يُظهر أن الرسوم الأميركية وصلت إلى أعلى معدل لها منذ عام 1903، متجاوزة مستويات الكساد الكبير والحربين العالميتين.
الرسوم اليوم لم تعد مجرد أداة تفاوض، بل أصبحت سلاحًا جيوسياسيًا يُغيّر بنية التجارة العالمية. لكن المشكلة الأكبر هي عدم القدرة على التنبؤ، ما جعل التخطيط الاستثماري شبه مستحيل.
انسحاب مؤسساتي... وتحوّل في سلوك السوق
لم تتوقف الصدمة عند المستثمرين الأفراد، بل بدأت صناديق كبرى بسحب أموالها من أدوات الدين والأسهم الأميركية، وفق تقارير من Horizon Investments وCharles Schwab.
"كل المؤشرات تدل على تحوّل منسق بعيدًا عن الأصول الأميركية... وهذا اتجاه مرشح للاستمرار."
— مايك ديكسون، Horizon Investments
وبدلاً من التوجه إلى الدولار والسندات كالمعتاد، بدأت الأسواق بالابتعاد عنها، ما يُعدّ تحوّلًا جذريًا في سلوك المستثمرين خلال الأزمات.
خطة الفيدرالي تنهار... واحتمالات الركود تتصاعد
تحليل Roth Capital يصف ما يحدث بأنه ضربة قاصمة لخطة الهبوط السلس التي يعتمدها الفيدرالي:
ارتفاع الرسوم قد يُغذّي التضخم
الأسواق المضطربة تُضعف الاستهلاك والاستثمار
أدوات الفيدرالي باتت محدودة في ظل تضارب الأهداف
أسوأ السيناريوهات بدأت تظهر على الطاولة: ركود تضخمي، أو انسحاب رؤوس الأموال العالمية من الأسواق الأميركية.
"حتى الحديث عن خفض الفائدة أصبح مؤجلاً إلى أجل غير مسمى."
— مايكل داردا، Roth Capital
الخلاصة
رسوم ترمب لم تعد مجرد وسيلة ضغط على الصين، بل باتت قوة زلزالية تُعيد تشكيل السوق الأميركي من الداخل.
الهروب من السندات، ضعف الدولار، تراجع الأسهم، وانهيار الثقة… كلها أعراض لما يشبه حالة بيع شامل لأميركا، لم تشهدها الأسواق منذ عقود.
ما لم تتحرك الإدارة الأميركية لإعادة ضبط السياسات التجارية، أو تقديم رؤية مستقرة للمستثمرين، فإن موجة البيع هذه لن تكون مؤقتة… بل بداية فصل جديد من التقلّبات قد لا يكون الاقتصاد الأميركي مستعدًا لتحمّله.
📬 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب وأحدث الفرص الاستثمارية في الأسواق العالمية مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet