سلاسل التوريد تحت التهديد.. حظر الصين يُربك مستقبل صناعة السيارات الكهربائية
تسلا وجي إم وريفِيان في مأزق حقيقي
في خطوة تصعيدية جديدة تُعيد خلط أوراق الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، أعلنت الحكومة الصينية تعليق تصدير ستة من المعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة، مما يضع شركات السيارات الكهربائية الأميركية مثل Tesla (TSLA) وGeneral Motors (GM) وRivian (RIVN) في مأزق قد يمتد أثره إلى سلاسل الإمداد العالمية وأسواق الأسهم الأميركية.
قرار استراتيجي يتجاوز الصناعة إلى الجغرافيا السياسية
في 4 أبريل، أكدت تقارير من New York Times وReuters أن بكين فرضت قيودًا شاملة على تصدير ستة أنواع من المعادن الأرضية النادرة، تُستخدم في المحركات الكهربائية، والطائرات الحربية، والإلكترونيات المتقدمة. وتشمل هذه المواد الإيتريوم، والديسبروسيوم، والنيووديميوم — وكلها تُعد حجر الأساس في صناعة المحركات عالية الكفاءة.
➤ هذه الخطوة تأتي كرد مباشر على قرار إدارة ترمب برفع الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية إلى 145% ضمن ما يُعرف بـ"رسوم يوم التحرير".
الصين تُنتج:
99% من إجمالي المعادن الأرضية النادرة عالميًا.
90% من المغناطيسات الصناعية المستخدمة في محركات EV والروبوتات العسكرية.
وبالتالي، أي انقطاع في التصدير يُعادل عمليًا قطع شريان الإنتاج عن الشركات الأميركية.
الأثر المباشر: Tesla وGM وRivian في عين العاصفة
رغم جهود تقليل الاعتماد على الصين، إلا أن غالبية الشركات الأميركية ما تزال في موقع هشّ:
Tesla أعلنت سابقًا تقليص اعتمادها على المعادن النادرة بنسبة 25%، وتسعى لاستبعادها كليًا في الجيل القادم من سياراتها، لكنها لم تصل إلى هذا الهدف بعد.
GM اكتفت بتصريح عام قالت فيه إنها "تدرس الخيارات المتاحة"، ما يعكس مستوى القلق الداخلي.
Rivian وFord لم تُعلق رسميًا، لكن المحللين يؤكدون أن مصانع المحركات الأميركية تعتمد على مغناطيسات مستوردة من الصين بنسبة كبيرة.
في ظل غياب بدائل جاهزة محليًا، فإن أي نقص في المعروض يعني إما رفع أسعار السيارات أو تباطؤ خطوط الإنتاج، ما يُهدد القدرة التنافسية للشركات الأميركية في سوق باتت مزدحمة بالوافدين الآسيويين والأوروبيين.
اضطراب في السوق وارتفاع فوري في التكاليف
في وقت يُفترض أن تتسارع فيه عملية "التحوّل الكهربائي"، جاءت الضربة الصينية لتُبطئ المسار:
شحنات المعادن عالقة في الموانئ الصينية بانتظار تصاريح تصدير جديدة.
الموردون الصينيون أعلنوا "القوة القاهرة" في عدد من العقود، مما يُعفيهم قانونيًا من الالتزام بالتوريد.
الأسعار العالمية للمعادن النادرة قفزت بنسبة 18% منذ بداية أبريل، وسط مخاوف من نقص طويل الأمد.
اقتباس تحليلي من سام فيوراني – AutoForecast Solutions:
"المغناطيسات النادرة ضرورية ليس فقط في المحركات، بل في العدسات، والمكابح، والإضاءة الداخلية... تأثيرها يتجاوز التصنيع إلى كل تفصيل في السيارة الكهربائية الحديثة."
تباين التحليلات: هل هو ضغط سياسي أم أزمة حقيقية؟
يرى دانيال بيكارد من Buchanan Ingersoll & Rooney أن الخطوة الصينية تحمل رسالة سياسية أكثر منها اقتصادية، مستشهدًا بسوابق مشابهة لم تؤدِ إلى خفض فعلي في الصادرات.
لكن هذا لا يُقلّل من حجم الأزمة الحالية، إذ أن:
الإجراءات الإدارية الصينية قد تستغرق أسابيع أو أشهر، ما يخلق اختناقًا فعليًا حتى في غياب "حظر شامل".
الولايات المتحدة لا تمتلك القدرة الصناعية لتكرير هذه المعادن حاليًا، ما يترك الشركات الأميركية مكشوفة بالكامل أمام القرارات الصينية.
الخلاصة
في الوقت الذي تتسابق فيه شركات أميركية كبرى لبناء مستقبل كهربائي نظيف، تجد نفسها الآن رهينة الموارد التي لا تملكها. قرار بكين بتعليق تصدير المعادن النادرة يُبرز هشاشة سلاسل التوريد الأميركية، ويُعيد تسليط الضوء على الحاجة الماسّة لتوطين التصنيع وتوسيع إنتاج المواد الخام داخل الولايات المتحدة.
ومع تصاعد الرسوم من جانب ترمب، وردود الصين المدروسة، تتعقّد خارطة الطريق نحو "التحوّل الكهربائي"، ليس فقط تقنيًا… بل استراتيجيًا وجيوسياسيًا.
📬 اشترك الآن في نشرة مركب لتصلك تحليلات عن كبرى شركات التكنولوجيا مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet