ترمب ضد باول.. هل تمنحه المحكمة العليا الضوء الأخضر للإقالة؟
في واحدة من أكثر المعارك القانونية حساسية في واشنطن، يعود الجدل حول حدود السلطة التنفيذية ليتصدر العناوين مجددًا. الرئيس الأميركي دونالد ترمب يُلوّح بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في خطوة تُهدّد بإعادة تعريف العلاقة بين البيت الأبيض والبنك المركزي الأميركي، وإشعال معركة دستورية تُعيد إحياء سوابق قضائية تعود إلى تسعين عامًا.
هل يُمكن للرئيس أن يُقيل باول؟ أم أن استقلال الفيدرالي محصّن؟ وما الذي تقوله المحكمة العليا عن هذه الصلاحيات؟ إليك تحليل مركب الكامل.
خلفية النزاع: طلب طارئ... وسابقة قانونية على المحك
بدأ التصعيد بعدما تقدّم ترمب بطلب طارئ إلى المحكمة العليا لتأييد قراراته السابقة بعزل رؤساء هيئات مستقلة، مثل:
مجلس العمل الوطني
مجلس حماية نظام الجدارة
القضية تدور حول إسقاط سابقة "Humphrey’s Executor v. US" (1935)، التي تمنع الرئيس من عزل رؤساء الوكالات المستقلة دون "سبب مبرر". وفي حال نجح ترمب في إسقاط هذه السابقة، فإن الطريق سيكون مفتوحًا أمامه لعزل باول حتى قبل نهاية ولايته في مايو 2026.
وقد سبق لترمب أن أقال مسؤولين في وكالات مثل:
لجنة التجارة الفيدرالية
اللجنة الفيدرالية للانتخابات
ما دفع أحدهم للقول:
"لا يوجد فرق قانوني بيني وبين جيروم باول."
ماذا يقول القانون عن إقالة باول؟
القانون الأساسي المنظّم لمجلس الاحتياطي الفيدرالي هو المادة العاشرة من قانون الفيدرالي، وتنص على أن أعضاء المجلس يُعيّنون لمدة 14 عامًا "ما لم تتم إقالتهم لأسباب مبررة من قبل الرئيس".
لكن هذا النص يُثير تساؤلين أساسيين:
هل تنطبق هذه المادة على رئيس المجلس تحديدًا؟
ما هو تعريف "السبب المبرر"؟ وهل يشمل الاختلاف في السياسة النقدية؟
تفسيرات قانونية متعددة تعتبر أن الإقالة تتطلب:
إهمال واضح
سوء أداء
فساد إداري
ما يجعل مهمة ترمب قانونيًا أكثر تعقيدًا، إلا إذا قامت المحكمة العليا بتوسيع تعريف السلطة التنفيذية.
المحكمة العليا والتوازن الدستوري: من روزفلت إلى ترمب
1926 – قضية Myers v. US: أعطت الرئيس صلاحيات واسعة في عزل المسؤولين التنفيذيين.
1935 – Humphrey's Executor v. US: قيدت تلك الصلاحيات عندما يتعلق الأمر بالوكالات المستقلة.
2020 – Seila Law v. CFPB: المحكمة منحت ترمب الحق في عزل مدير مكتب حماية المستهلك المالي دون "سبب مبرر".
هذه الأحكام تُظهر بوضوح التحول الذي تقوده المحكمة العليا الحالية، ذات الأغلبية المحافظة، نحو توسيع صلاحيات الرئيس بموجب المادة الثانية من الدستور.
هل الاحتياطي الفيدرالي استثناء؟
هنا ينقسم الفقه القانوني:
فريق يرى أن الفيدرالي هو ذراع نقدي مستقل للكونغرس، وبالتالي يجب حمايته من التدخلات السياسية.
فريق آخر يعتبر أن المؤسسات المستقلة "خرافة دستورية"، كما قال القاضي الراحل أنطونين سكاليا، ويجب أن تخضع جميعها للرئيس.
رئيس الفيدرالي جيروم باول كان واضحًا بقوله:
"الاستقلال محمي بالقانون، ويحظى بدعم واسع في الكونغرس وواشنطن."
لكن التحدي الحقيقي قد لا يكون قانونيًا فقط، بل سياسيًا واقتصاديًا أيضًا.
من سيخلف باول؟ وكيف ستتأثر الأسواق؟
بحسب وول ستريت جورنال، فإن ترمب ناقش مع كيفن وورش، العضو السابق في الفيدرالي، إمكانية تعيينه بدلًا من باول. إلا أن مستشاريه حذّروه من خطورة هذه الخطوة على الأسواق، خاصة في ظل:
حساسية المستثمرين لأي تغييرات في قيادة السياسة النقدية
الضغوط التضخمية التي تعاني منها الأسواق بالفعل
تأثير هذا القرار على صورة استقلالية المؤسسات الأميركية عالميًا
الخلاصة
سعي ترمب لإقالة باول ليس مجرد معركة شخصية، بل اختبار دستوري حاسم قد يُعيد تعريف حدود السلطة التنفيذية في أميركا، ويضع استقلالية الاحتياطي الفيدرالي على المحك.
إذا حكمت المحكمة العليا لصالح ترمب، فإن الأسواق قد تدخل مرحلة غير مسبوقة من عدم اليقين، حيث تصبح السياسات النقدية عُرضة للتقلبات السياسية أكثر من أي وقت مضى.
أما إذا تمسكت المحكمة بالسياق التاريخي لاستقلال المؤسسات، فستكون الرسالة واضحة: ليس كل شيء في واشنطن قابل للإقالة... حتى في عهد ترمب.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet