ترمب وباول... علاقة معقدة بين الحاجة السياسية ورغبة الانتقام
في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من تباطؤ اقتصادي محتمل نتيجة تصاعد الحروب التجارية، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بات يعتمد مقاربة مزدوجة تجاه رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول: إبقاؤه في منصبه لا لتهدئة الأسواق فحسب، بل لتحضيره كـ"كبش فداء" في حال ساءت الأوضاع الاقتصادية.
تهديدات متكررة... بلا تنفيذ
رغم تهديداته العلنية المتكررة بعزل باول، تراجع ترمب مؤخرًا وأكد أنه لا ينوي الإقالة. وفقًا لتحليل RBC Capital Markets:
"لو أقال ترمب باول، لكان فقد أداة ثمينة لتحويل اللوم مستقبلاً عن السياسات التجارية إلى الفيدرالي."
في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية، يتوقع الكثيرون تباطؤًا أو حتى ركودًا ناتجًا عن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية على كبار شركائها التجاريين.
ترمب يُواصل الضغط على الفيدرالي
ورغم إبقائه باول في موقعه، صعّد ترمب من انتقاداته:
وصف باول بأنه "الخاسر الكبير" لعدم خفضه الفائدة.
طالب بخفض استباقي لأسعار الفائدة لتجنب تباطؤ الاقتصاد.
واصل هجماته حتى بعد تأكيد عدم الإقالة.
في المقابل، حذر كبار المسؤولين، مثل وزير الخزانة سكوت بيسنت، من أن عزل رئيس الفيدرالي قد يتسبب في اضطراب عميق بالأسواق ومواجهات قانونية لا تحمد عقباها.
الفيدرالي تحت ضغط غير مسبوق
جيروم باول أوضح مؤخرًا صعوبة الخيارات المتاحة:
توقع أن الاقتصاد قد لا يحقق أهداف التوظيف الكامل واستقرار الأسعار خلال ما تبقى من العام.
شدد على أن مكافحة التضخم ستبقى أولوية حتى لو تعارضت مع تحفيز النمو.
هذه الرسائل تزيد من إحباط البيت الأبيض، خصوصًا مع تأثير الرسوم الجمركية المتوقع على ارتفاع التضخم.
التاريخ يعيد نفسه
الضغوط السياسية على الاحتياطي الفيدرالي ليست سابقة فريدة:
في الستينات، ضغط ليندون جونسون على رئيس الفيدرالي لتليين السياسة النقدية.
في السبعينات، خضع آرثر بيرنز لضغوط نيكسون، مما ساهم لاحقًا بانفجار التضخم.
حتى بول فولكر، رمز استقلالية الفيدرالي، واجه ضغوطًا من إدارة ريغان.
اليوم، الضغوط التي يتعرض لها باول تفتح الباب أمام سيناريو مشابه قد تكون تكلفته الاقتصادية باهظة.
الخلاصة
مع تصاعد التوترات التجارية والضغوط السياسية، يبدو أن ترمب أبقى باول ليس لثقته بسياساته النقدية، بل لتحويله لاحقًا إلى شماعة يعلّق عليها تبعات أي تدهور اقتصادي محتمل.
في هذه اللحظة الحرجة، تبقى استقلالية الفيدرالي حجر الزاوية لاستقرار الاقتصاد الأميركي.
أي مساس بها قد يفتح الباب أمام فوضى اقتصادية يدفع ثمنها الجميع.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet