هل يُطيح ترمب بباول؟ المحكمة العليا تفتح الباب أمام تغيير قواعد اللعبة
في خضم التصعيد السياسي بين البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي، بات الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوّح بإقالة رئيس الفيدرالي جيروم باول، معتبرًا أن "إنهاء ولايته لا يمكن أن يأتي سريعًا بما فيه الكفاية". هذا التهديد لم يعد مجرد تصريح، بل بات جزءًا من معركة دستورية قد تعيد رسم علاقة الرئيس بالمؤسسات المستقلة في الولايات المتحدة، في وقتٍ تنظر فيه المحكمة العليا في قضية قد تُغيّر كل شيء.
المحكمة العليا على المحك: قضية قد تقلب ميزان القوة
الرئيس ترمب تقدّم بطلب طارئ إلى المحكمة العليا يطلب فيه دعم قراراته بإقالة رؤساء وكالات مستقلة، مثل مجلس علاقات العمل الوطني ومجلس حماية الأنظمة الوظيفية.
هذه الخطوة تمثّل تحديًا صريحًا لسابقة قانونية عمرها 90 عامًا، تُقيّد قدرة الرئيس على عزل أعضاء الوكالات المستقلة، إلا في حالات "الإهمال أو سوء السلوك".
إذا ألغت المحكمة هذه السابقة، فقد يصبح من السهل قانونيًا على ترمب إقالة جيروم باول.
كما صرّح أحد أعضاء لجنة التجارة الفيدرالية المقالين:
"لا يوجد فرق قانوني بيني وبين جيروم باول. إذا كان من القانوني أن يقيلني الرئيس، فهو قادر على إقالته."
ماذا يقول القانون بشأن عزل رئيس الفيدرالي؟
القانون الأساسي الذي ينظم عزل أعضاء مجلس محافظي الفيدرالي موجود في المادة العاشرة من قانون الاحتياطي الفيدرالي، وينص على أن الأعضاء يُعيّنون لفترة 14 عامًا "ما لم يُعزلوا لأسباب مبررة من قبل الرئيس".
لكن القانون لا يوضح إن كان يشمل رئيس الفيدرالي تحديدًا، ولا ما الذي يُعتبر "سببًا مبررًا"، ما يترك المجال مفتوحًا للتأويلات الدستورية.
من روزفلت إلى ترمب: معركة استقلال الوكالات
في عام 1935، حكمت المحكمة العليا في قضية Humphrey’s Executor v. United States بعدم قدرة الرئيس على عزل مفوض في وكالة مستقلة دون سبب مبرر، مشيرة إلى أن هذه الوكالات تختلف عن الوزارات التنفيذية الخاضعة مباشرة للرئيس.
لكن هذا التفسير بدأ يتغيّر تدريجيًا، خاصة بعد بروز وجهات نظر محافظة مثل موقف القاضي الراحل أنتونين سكاليا، الذي رأى أن سلطة الرئيس التنفيذية يجب أن تشمل الحق في تعيين وعزل المسؤولين التنفيذيين.
قضايا حديثة أبرزت هذا الاتجاه:
Free Enterprise Fund v. PCAOB (2010): أضعفت المحكمة بعض قيود الكونغرس.
Seila Law v. CFPB (2020): منحت ترمب صلاحية عزل مدير مكتب حماية المستهلك المالي.
كلها مؤشرات على أن المحكمة الحالية قد تمنح الرئيس صلاحيات أوسع مستقبلًا.
الفيدرالي: استثناء محتمل أم في مهب الريح؟
يعتقد بعض الأكاديميين أن الاحتياطي الفيدرالي قد يُستثنى من هذا الاتجاه، كونه الذراع النقدية المستقلة للكونغرس، المكلف دستوريًا بجمع الأموال وإنفاقها.
كما أن الفيدرالي لطالما نال دعمًا واسعًا من الحزبين في الكونغرس، ويُعد مؤسسة حيوية لضمان استقرار الاقتصاد الأميركي بعيدًا عن الضغوط السياسية اليومية.
لكن بحسب البروفيسور جيف باول من جامعة ديوك:
"لا تنخدعوا بحديث الوكالات المستقلة... هذه المحكمة قد ترى أن لا وجود فعليًا لما يسمى وكالة مستقلة."
باول يرد: الاستقلال "مسألة قانون وليست خيارًا سياسيًا"
من جهته، شدد جيروم باول في أكثر من مناسبة على أن استقلال الفيدرالي هو مسألة قانونية لا سياسية.
وقال:
"الاستقلال أمر قانوني، وهو مدعوم على نطاق واسع في الكونغرس، وهذا هو ما يهم حقًا."
ورغم أنه لا يرى أن القرار القضائي الحالي يشمل الفيدرالي بشكل مباشر، إلا أنه أكد أن مؤسسته "تراقب التطورات عن كثب"، في إشارة إلى إدراكه لحساسية القضية.
الخلاصة
ما بدأ كخلاف سياسي بين ترمب وباول حول الفائدة والتضخم، بات الآن على أعتاب معركة دستورية في أعلى هيئة قضائية أميركية.
القرار القضائي القادم لن يحدد فقط مستقبل جيروم باول، بل قد يُعيد تشكيل العلاقة بين الرئاسة والوكالات المستقلة بأكملها.
في حال أعطت المحكمة الرئيس الحق في عزل رؤساء الهيئات المستقلة دون قيود، فإننا قد نشهد أكبر تحول دستوري في ميزان السلطات التنفيذية منذ عقود. ويبقى السؤال: هل يُبقي القضاء على استقلال الفيدرالي، أم أن ترمب سيُمسك أخيرًا بزمام السياسة النقدية من داخل البيت الأبيض؟
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet