وول ستريت تترقب... والخطاب الرئاسي يتغيّر تجاه الفيدرالي
هل بدأ البيت الأبيض يتراجع عن التصعيد بعد تحذير الأسواق؟
في تحول مفاجئ بالنبرة السياسية، خفف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من لهجته تجاه جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، معلنًا أنه لا يعتزم إقالته رغم وصفه له قبل يوم واحد بـ"الخاسر الكبير".
هذا التراجع لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة ضغوط داخلية من كبار مستشاري ترمب، في محاولة لاحتواء تداعيات التوترات السياسية على الأسواق المالية.
من التصعيد إلى التهدئة... خوفًا من صدمة السوق
يوم الإثنين، شهدت الأسواق الأميركية عمليات بيع واسعة، على خلفية مخاوف من احتمال إقالة باول. لكن ترمب سارع في اليوم التالي إلى التهدئة، قائلًا:
"لا، ليس لدي نية لإقالته... أعتقد أنه تأخر كثيرًا في خفض الفائدة، لكن لن أُقيله."
هذه اللهجة جاءت بعد تدخل كل من وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لَتنِك، اللذين حذّرا من أن الدخول في مواجهة مباشرة مع الفيدرالي قد يُضاعف حالة عدم اليقين في السوق، خاصة في ظل الرسوم الجمركية والتباطؤ الاقتصادي.
على الفور، قفزت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، وسجلت الأسواق انتعاشة قوية يوم الأربعاء.
ترمب يخفف نبرته بشأن الرسوم الجمركية
في الوقت نفسه، أطلق ترمب إشارات تهدئة على الجبهة التجارية مع الصين، حيث قال إن:
"145% رسوم جمركية على الصين مرتفعة جدًا، وسيتم خفضها بشكل كبير."
ووفقًا لوول ستريت جورنال، فإن البيت الأبيض يدرس خفض الرسوم إلى ما بين 50% و65%، ضمن مسعى لتخفيف التصعيد التجاري الذي أثقل كاهل الأسواق.
خلف الكواليس: لماذا خاف السوق من ترمب؟
رغم أنه من عيّن باول، لطالما نظر ترمب إليه بعين الشك، وسبق أن فكّر في عزله عام 2019.
لكن آنذاك، تحفظ المستشارون القانونيون على هذه الخطوة خشية إحداث صدمة في النظام المالي وفقدان ثقة الأسواق العالمية.
في خطابه الأخير لنادي شيكاغو الاقتصادي، حذّر باول من أن:
"سياسات ترمب التجارية سترفع التضخم وتُضعف النمو."
ليأتي الرد سريعًا من ترمب عبر منصة Truth Social:
"إقالة باول لا يمكن أن تأتي بالسرعة الكافية."
هذا التصعيد أدى إلى تراجع الأسهم والسندات والدولار يوم الإثنين، ما دفع محللي Evercore ISI لوصف ما حدث بـ:
"التحذير المسبق مما قد يحدث لو أقدم ترمب على العزل فعليًا."
معركة على استقلالية الفيدرالي
القلق لا يقتصر على الفائدة فقط، بل يتمحور حول استقلالية الفيدرالي ذاته.
القانون الأميركي يُجيز عزل رئيس الفيدرالي فقط "لسبب وجيه"، مثل العجز أو السلوك غير المهني—not خلاف سياسي.
لكن مستشاري ترمب أبدوا استعدادًا لاختبار هذه الحدود القانونية، في سابقة قد تعيد رسم العلاقة بين الرئاسة والبنك المركزي.
الفيدرالي في موقف معقد... و"الركود التضخمي" يلوح في الأفق
رئيس الفيدرالي جيروم باول أكد أن البنك المركزي سيُبقي أسعار الفائدة ثابتة حاليًا، محذرًا من أن:
"خفض الفائدة الآن قد يؤدي إلى تفاقم التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية."
وبينما يتباطأ النمو، ترتفع الأسعار، ما يُعرف بـ الركود التضخمي.
ورغم التحديات، عبّر باول عن ثقته بدعم الكونغرس لاستقلالية الفيدرالي.
الخلاصة:
بينما يعيش الاقتصاد الأميركي إحدى أكثر فتراته اضطرابًا منذ بداية الولاية الثانية لترمب، يبدو أن البيت الأبيض بات أكثر وعيًا بثمن اللعب باستقلالية الفيدرالي. التحوّل السريع من التصعيد إلى التهدئة يُظهر صراعًا داخليًا بين رغبة ترمب في فرض السيطرة، والواقع المالي الذي يفرض التعقل.
الرسالة من السوق كانت حاسمة: تهديد استقلال الفيدرالي هو تهديد لجميع الأصول الأميركية.
📩 اشترك الآن لتصلك تحليلات مركب مباشرة إلى بريدك الإلكتروني!
📩 تابعنا على قناة التلغرام: https://t.me/murakkabnet
🐦 انضم إلينا على تويتر: murakkabnet